نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 632
إليه من ملك وجن وإنسان وحيوان ونبات وجماد فذكر من الحيوان النحل ومن الجماد السماء والأرض وإن كان الكل عندنا أحياء ولكن نجري على المعهود المتعارف في الحس الغالب وقال تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده وقال وإن من أمة إلا خلا فيها نذير وقال ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وقال لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا وقال وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه أي بلحنهم والوحي على ضروب شتى ويتضمنه هذا المنزل فمنه ما يكون متلقى بالخيال كالمبشرات في عالم الخيال وهو الوحي في النوم فالمتلقى خيال والنازل كذلك والوحي كذلك ومنه ما يكون خيالا في حس على ذي حس ومنه ما يكون معنى يجده الموحى إليه في نفسه من غير تعلق حس ولا خيال بمن نزل به وقد يكون كتابة ويقع كثيرا للأولياء وبه كان يوحى لأبي عبد الله قضيب ألبان ولأبي زكريا البجائي بالمعرة بدير النقرة ولبقى بن مخلد تلميذ أحمد بن حنبل صاحب المسند ولكن كان أضعف الجماعة في ذلك فكان لا يجده إلا بعد القيام من النوم مكتوبا في ورقة ومما يتضمن هذا المنزل خلق الأعراض صورا ذوات قائمة متحيزة في رأى العين فاعلم أن الإنسان إذا جاء الله به إليه جمعه عليه جمعية لا تفرقة فيها حتى يهبه الله تعالى في ذلك ما يريد أن يهبه مما سبق في علمه فإذا خرج عن ذلك المشهد وعن تلك الحالة حرج بما حصل له وكان قد حصل له أمرا كليا مجملا غير مفصل فيبدو له عند الخروج مفصل الأعيان لكل جزء منه صورة تخصه فيخرج عن حال جمعيته إلى حال تفرقته فتبادر صور الأعمال إليه دفعة واحدة وتتعلق كل صورة منها بمن كان أصلا في وجودها فأما له وإما عليه فتتعلق بعينه صور نظره وبإذنه صور تعلق سمعه وكذلك سائر حواسه في ظاهره ويتعلق بباطنه صور أعمال باطنه من أعمال فكره وخياله وسائر قواه الباطنة فيه فإن كانت الصور العملية توجب فرحا فرح بذلك وبضده وإن كانت صور الأعمال توجب حزنا وغما كان الإنسان بحسب ما توجبه الصورة فإن كان من صورة ما يوجب هذا ويوجب هذا كان فرح الجزء الذي له صورة العمل المفرح فرحا من حيثيته لا من حيث النفس المكلفة فيتنعم ذلك الجزء الإنساني بقدر ذلك ويحزن الجزء الآخر بصورة عمله أيضا والنفس في هذه الحالة تفرح بحكم التبعية لفرح هذا وتحزن بحكم التبعية لحزن هذا في حال واحدة بإقبالين مختلفين كما كانت تسمع في حال النظر في حال البطش في حال السعي في حال اللمس في حال الشم في حال الطعم ولا يشغلها واحد عن الباقي مع أحدية المدرك كذلك ينعم من طريق ويحزن من طريق فهو الفرح المحزون وهو الرابح المغبون إلى أن يدخل الجنة وهذا من أعجب المشاهد وقليل واجده في هذه الدار من أهل الطريق لعدم كشفهم وتحققهم وقلة علمهم بذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب السادس والثمانون ومائتان في معرفة منزل من قيل له كن فأبى فلم يكن من الحضرة المحمدية ) شمس الفناء بدت في كاف تكويني * لعلمها أنها بالنور تفنيني وقد أشارت ولم أعلم إشارتها * بأن في ذلك الإيماء تعنيني فكنت واو العين العلم ظاهرة * خفية العين بين الكاف والنون فصلت في اللوح أسرارا متوجة * قد كان أجملها الرحمن في النون من هذا المنزل قيدت جزءا سميته الفناء في المشاهدة فلنذكر الآن ما يتضمنه هذا المنزل على ما يحوي عليه من الأصول فإن البسط فيه يطول فاعلم أن مظهر هذا المنزل اسمه النور ولكن الأنوار على قسمين نور ما له شعاع ونور شعشعاني فالنور الشعشعاني إن وقع فيه التجلي ذهب بالأبصار وهو الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيل له يا رسول الله هل رأيت ربك فقال صلى الله عليه وسلم نوراني أراه يقول نور كيف أراه يريد النور الشعشعاني فإن تلك الأشعة تذهب بالأبصار وتمنع من إدراك من تنشق منه تلك الأشعة وهو أيضا الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله إن لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها لا حرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه والسبحات هنا هي أنوار حقيقته فإن وجه الشئ حقيقته وأما النور الذي لا شعاع له فهو النور الذي يكون فيه التجلي ولا شعاع له ولا يتعدى ضوؤه نفسه ويدركه المبصر في غاية الجلاء والوضوح بلا شك وتبقي الحضرة التي يكون فيها هذا الذي كشفت له في غاية
632
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 632