نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 590
على نفسه ليأنس العبد بما أوجبه الحق عليه من طاعته ليسارع بأداء ما وجب عليه فإذا حصل العبد في هذا المقام فليس وراءه مرمى لرام ويعلم أن الله قد أراد أن ينقله من عالم شهادته إلى عالم غيبه ليكون له غيبه شهادة في موطن آخر غير هذا الموطن له حكم آخر وهو الموطن الذي تكون فيه المظاهر الإلهية وهو أوسع المواطن فلهذا عبر عن هذا المنزل بالأجل المسمى لأنه أجل البعث إليه من عالم الشهادة المقيد بالصورة التي لا تقبل التحول في الصور لكن تقبل التغيير وهو زوال عينها بغيرها لذلك الغيب الذي كانت به فيدبر الروح الغيبي صورة ذلك الغير فلهذا قلنا يقبل التغيير ولا يقبل التحويل فإن الحقائق لا تتبدل فانتقاله إلى موطن التحول في الصور يسمى أجلا مسمى أي معلوم النهاية وكان من المقام الموسوي دون غيره لأنه لم يرد في الخبر أنه عليه السلام رأى في إسراءه من جمع بين صورتين سوى موسى عليه السلام فرآه في السماء وكان بينهما ما كان وهو في قبره يصلي والنبي يراه صلى الله عليه وسلم عليهما في الحالتين معا ولا يقال في مثل هذا الكشف إن الآن لا يتسع لأمرين متعارضين في الشخص الواحد فصحيح ما يقول ولكن أين الآن هنا إنما ذلك لمن تقيد بالزمان وتعين بالمكان فإذا كان الموجود لا يتقيد بالزمان ولا بالمكان فلا يستحيل هذا الوصف عليه وإذا فهمت ما أشرنا إليه لم بعارض ما ذهبنا إليه وذكرناه كون الإسراء وقع بالليل وهو الزمان وكون موسى عليه السلام في القبر والسماء وهما المكان فإنك أنت تسلم من مذهبك إن الجسم لا يكون في مكانين وأنت تؤمن بهذا الحديث فإن كنت مؤمنا فقلد وإن كنت عالما فلا تعترض فإن العلم يمنعك وليس لك الاختيار فإنه لا يختبر إلا الله ولا تتأول أن الذي في الأرض غير الذي في السماء فإن النبي عليه السلام ما قال رأيت روح موسى ولا جسد موسى وإنما قال رأيت موسى في السماء ومعلوم أنه مدفون في الأرض وكذلك سائر من رآه من الأنبياء عليهم السلام فالمسمى موسى إن لم يكن عينه فالإخبار عنه كذب إنه موسى هذا وأنت القائل رأيتك البارحة في النوم وأنت تقول كذا وكذا والمرئي معلوم أنه كان في منزله على حالة غير الحال التي رآه عليها أو عليها ولكن في موطن آخر ولا تقول له رأيت غيرك ثم تنكر علينا مثل هذا وإنما تختلف الحضرات والمواطن وتختلف الأحوال والعين واحدة فهذا قد ذكرنا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل وسكتنا عن بيوته وخزائنه فما من منزل إلا وله بيوت وخزائن وأقفال ومفاتيح ولكن يطول ذكرها في كل منزل وربما إذا بيناها يدعيها الكاذب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وفي هذا المنزل علم إتيان المعاني في الصور وعلم الفتوح وله باب قد تقدم وعلم الوافدين على الحق وعلم التنزيه وعلم الستر والتجلي وعلم الرجوع الإلهي على من يرجع هل يرجع على عباده أو على أسمائه ( الباب الخامس والسبعون ومائتان في معرفة منزل التبري من الأوثان من المقام الموسوي وهو من منازل الأمر السبعة ) منازل الأمر بالنداء * منازل ما لها انتهاء * يا أي يا أي لا تفارق * فكونكم ما له انقضاء وأي أي يكون منه * لوجهه بيننا رآء * عساكر للحروف جاءت * يضيق عن حملها الفضاء أرماحها كلها نجوم * أيدها الأمر والقضاء * سفائن بحرها عميق * قد مخرت ريحها رخاء فلتلتزم يا أخي * علما ضاق له الأرض والسماء * ولتترك الغير في عماه * بمشهد ما هو العماء اعلم أن الذلة والافتقار لا تكون من الكون إلا لله تعالى فكل من تذلل وافتقر إلى غير الله تعالى واعتمد عليه وسكن في كل أمره إليه فهو عابد وثن وذلك المفتقر إليه يسمى وثنا ويسميه المفتقر إلها وألطف الأوثان الهواء وأكثفها الحجارة وما بينهما ولهذا قال المشركون لما دعوا إلى توحيد الإله في ألوهته أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب فالناس يحملون قوله إن هذا لشئ عجاب إنه من قول الكفار حيث دعاهم إلى توحيد إله وهم يعتقدون كثرتها وهو عندنا من قول الحق أو قول الرسول وأما قول الكفار فانتهى في قوله إلها واحدا والتعجب إنه يأول العقل يعلم الإنسان أن الإله لا يكون بجعل جاعل فإنه إله لنفسه ولهذا وقع التوبيخ بقوله تعالى أتعبدون ما تنحتون والإله في ضرورة العقل لا يتأثر وقد كان هذا خشبة يلعب بها أو حجرا يستجمر به ثم أخذه وجعله إلها يذل ويفتقر إليه ويدعوه خوفا وطمعا فمن مثل
590
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 590