نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 4 صفحه : 119
ينظر إلى الوصايا فإذا كانت لمن يرث الميت أبطلتها وإن كانت لمن لا يرثه أجزتها على الوجه الذي تجوز به وموجود عندي والله تعالى أعلم فيما وصفت من الكتاب وما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وحيث إن ما لم نعلم من مضى من أهل العلم اختلفوا فيه أنه إنما يمنع الورثة الوصايا لئلا يأخذوا مال الميت من وجهين وذلك أن ما ترك المتوفى يؤخذ بميراث أو وصية فلما كان حكمهما مختلفين لم يجز أن يجمع لواحد الحكمان المختلفان في حكم واحد وحال واحدة كما لا يجوز أن يعطى بالشئ وضد الشئ ولم يحتمل معنى غيره بحال فإن ذهب ذاهب إلى أن يقول إنما لم تجز الوصية للوارث من قبل تهمة الموصى لأن يكون يحابى وارثه ببعض ماله فلولا أن العناء مستعل على بعض من يتعاطى الفقه ما كان فيمن ذهب إلى هذا المذهب عندي والله أعلم للجواب موضع لأن من خفى عليه هذا حتى لا يتبين له الخطأ فيه كان شبيها أن لا يفرق بين الشئ وضد الشئ فإن قال قائل فأين هذا ؟ قيل له إن شاء الله تعالى أرأيت امرءا من العرب عصبته يلقونه بعد ثلاثين أبا قد قتل آباء عصبته آباءه وقتلهم آباؤه وبلغوا غاية العداوة بينهم بتسافك الدماء وانتهاك المحارم والقطيعة والنفي من الأنساب في الاشعار وغيرها وما كان هو يصطفى ما صنع بآبائه ويعادي عصبته عليه غاية العداوة ويبذل ماله في أن يسفك دماءهم وكان من عصبته الذين يرثونه من قتل أبويه فأوصى من مرضه لهؤلاء القتلة وهم ورثته مع غيرهم من عصبته كان الوارث معهم في حال عداوتهم أو كان له سلما به برا وله واصلا وكذلك كان آباؤهما أتجوز الوصية لأعدائه وهو لا يتهم فيهم ؟ فإن قال لا قيل وكذلك لو كان من الموالي فكان مواليه قد بلغوا بآبائه ما بلغ بهم وبأبيهم ما وصفت من حال القربى فأوصى لورثته من مواليه ومعهم ابنته أتجوز الوصية لهم وهو لا يتهم فيهم ؟ فإن قال لا . قيل وهكذا زوجته لو كانت ناشزة منه عاصية له عظيمة البهتان وترميه بالقذف قد سقته سما لتقتله وضربته بالحديد لتقتله فأفلت من ذلك وبقيت ممتنعة منه وامتنع من فراقها إضرارا لها ثم مات فأوصى لها لم تجز وصيته لأنها وارث . فإن قال نعم : قيل ولو أن أجنبيا مات ليس له وارث [1] أعظم النعمة عليه صغيرا وكبيرا وتتابع إحسانه عليه ، وكان معروفا بمودته فأوصى له بثلث ما له أيجوز ؟ فإن قال نعم ، قيل وهكذا تجوز الوصية له وإن كان ورثته أعداء له . فإن قال نعم تجوز وصيته في ثلثه كان ورثته أعداء له أو غير أعداء . قيل له أرأيت لو لم يكن في أن الوصية تبطل للوارث وأنه إذا خص بإبطال وصيته الوارث لم يكن فيها معنى إلا ما قلنا . ثم كان الأصل الذي وصفت لم يسبقك إليه أحد يعقل من أهل العلم شيئا علمناه أما كنت تركته ؟ أو ما كان يلزمك أن تزعم أنك تنظر إلى وصيته أبدا فإن كانت وصيته لرجل عدو له أو بغيض إليه أو غير صديق أجزتها وإن كان وارثا . وإن كانت لصديق له أو لذي يد عنده أو غير عدو فأبطلتها . وإذا فعلت هذا خرجت مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ومما يدخل فيما لم يختلف فيه أهل العلم علمناه . أو رأيت لو كان له عبد يعلم أنه أحب الناس إليه وأوثقه في نفسه وأنه يعرف بتوليج ماله إليه في الحياة ولد ولد دون ولده . ثم مات ولده فصار وارثه عدوا له فأعتق عبده في وصيته أليس يلزمك أن لا تجيز العتق لشأن تهمته فيه حيا إذا كان يؤثره بماله على ولد نفسه وميتا إذ كان عنده بتلك الحال وكان الوارث له عدوا ؟ أو رأيت لو كان وارثه له عدوا فقال والله ما يمنعني أن أدع الوصية فيكون الميراث وافرا عليك إلا حب أن يفقرك الله ولا يغنيك . ولكني أوصى بثلث مالي لغيرك فأوصى لغيره أليس إن أجاز هذا أجاز ما
[1] قوله : أعظم النعمة الخ ، لعل هنا سقطا من النساخ وأصل الكلام " وله صديق أعظم النعمة عليه الخ " فانظر
119
نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 4 صفحه : 119