نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 7 صفحه : 238
وقد يخطر في البال أن الإضرار الخفيفة ثبت شرعا أنها ترفع وجوب الصوم ووجوب الوضوء . إذن ، فيمكن أن تكون سببا لتحريم المخدرات . وهذا السؤال دليل على قلة التفقه لدى السائل . لوجود دليل خاص في هذين الموردين أعني الصوم والوضوء . بكفاية الخوف من الضرر في تبديل وظيفة المكلف فيهما . وأما الأحكام الأخرى ، فلا دليل فيها على ذلك ، ومقتضى إطلاق أدلتها وجوبها حتى في حال الضرر . ما لم يكن ضررا معتدا به عرفا . ليكون منفيا بالقاعدة . هذا : وإن قيل بسقوط الوجوب مع الضرر ، فلا نسلم بثبوت التحريم من أجله . لأن الإباحة البديلة للتحريم ليس فيها تسبيبا من قبل الشارع للإيقاع في الضرر ، بخلاف الوجوب ، كما هو واضح للمتأمل . وقد يخطر في البال : إن المخدرات ، كما قد يكون فيها إضرار خفيفة ، كذلك قد يكون فيها إضرار كبيرة فيحرم . وهذا ما سنبحثه في الدليل الآتي . الدليل الرابع : دليل حرمة التهلكة وهو قوله تعالى * ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) * وهذا الاستدلال يحتاج إلى ضم الفكرة القائلة : بأن المخدرات تنتج التهلكة ، لتكون مصداقا للتحريم المذكور في الآية الكريمة . وينبغي أن نعرف أن التهلكة المنهي عنها في الآية هي الهلاك بمعنى الموت والفناء . ويلحق بذلك عرفا أمران : أحدهما : سبب الهلاك ولو كان مظنونا أو راجحا كالدخول في أرض مسبعة بدون سلاح . وثانيهما : ما كان دون ذلك من المخاطر الشديدة ، وان لم تكن تنتج الموت ، كإيجاد الجرح البليغ ونحوه . وأما الإضرار التي دون ذلك والأسباب المؤدية إليها ، فليست من التهلكة لا عقلا ولا عرفا ، فلا يمكن أن تكون مشمولة للآية الكريمة . وحينما نرد إلى المخدرات نجد أن أكثر اضرارها بجميع أنواعها من
238
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 7 صفحه : 238