بصدد التقيّة في إبراز الفتوى بصورة الاحتياط . ثمّ إنّه حكى الأستاذ دام ظلَّه عن صلاة بعض أجلَّة العلماء رضوان الله عليهم أنّه حكى عن جمع من المتقدّمين وكثير من المتأخّرين الذهاب إلى حمل أخبار الذهاب على الاستحباب جمعا بينه وبين أخبار الاستتار ، وهو وإن كان متمشّيا في بعض أخبار الذهاب وهو غير المشتمل منها على التفسير والملازمة بين الأمرين ، ولكنّ المشتمل منها على ذلك آب عنه كما هو واضح . مضافا إلى ما يستفاد من جملة من الأخبار الأخر من أنّ الفضل في صلاة المغرب إنّما هو بتعجيلها في أوّل وقتها وأنّها ليست كالصلوات الأخر موسّعا وقت فضلها ، كما هو المستفاد من قولهم عليهم السّلام : وقتها وجوبها ، سواء فسّر الوجوب بغروب الشمس أو بوجوب الصلاة ، يعني أنّ وقت فضلها وقت وجوبها بلا مهلة . ولهذا قال في الكافي : المغرب يحصل بذهاب الحمرة إلى ما يسامت الرأس ، والشفق هو الحمرة المغربيّة ، وليس بين هذين الذهابين إلَّا قدر ما يصلَّى المغرب ونوافلها بتؤدة ، وقد تفقّدت ذلك غير مرّة [1] ، انتهى . والحاصل يكاد يحصل القطع بعد ملاحظة النصوص بفساد هذا الجمع . ثمّ المراد بما في مرسلة ابن أبي عمير من أخبار الذهاب من قوله : « وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة وتتفقّد الحمرة التي يرتفع من المشرق ، فإذا جازت قمّة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص » [2] هو ارتفاع الحمرة من تمام ربع الفلك الشرقي ، وإلَّا فليس جواز الحمرة من فوق الرأس أمرا محسوسا كما هو واضح ، والله العالم بحقائق أحكامه .
[1] الكافي 3 : 280 ، باب وقت المغرب والعشاء ، ذيل الحديث 9 ، نقلا بالمعنى . [2] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 16 من أبواب المواقيت ، الحديث 4 .