قلت : الاعتبار بالحال الفعليّة ، والقطع في ما ذكر من المثال ليس بفعلي ، بل الحال الموجودة فعلا هو الشكّ ، ليس إلَّا . نعم له قطع حاصل على تقدير ، أعني : أنّه لو كان قد بال كان محدثا ، والقطع المعتبر في نقض اليقين السابق هو القطع الفعلي ، وإلَّا فكلّ شكّ يرجع لا محالة إلى القطع التقديري ، وكذلك يحتمل أنّه في السابق حصل له القطع بالحدث تفصيلا في حال بوله ، ولكنّ القطع السابق على فرض مقطوعيّته لا يضرّ ، فضلا عن كونه محتملا كما هو المفروض في المثال ، بل المعيار هو القطع في الحال الغير المتبدّل فعلا بالخلاف . وهذا بخلاف الحال في مقامنا ، فإنّ القطع التفصيلي حاصل حالا ، لا في الماضي ، وعلى وجه الفعليّة والتنجيز لا التعليق والتقدير ، فإنّا الآن نحكم حكما جزميّا على جميع قطرات الإناء الواقع فيه المطر بطريق الاستيعاب بالطهارة التفصيليّة بحيث ننظر إلى جميع أشخاص قطراته ونحكم بأنّ هذه طاهرة وهذه كذلك ، وهذه كذلك إلى آخرها ، وهذه القطرة الساقطة على اللباس يحتمل كونها من أحد موارد هذه الأحكام التفصيليّة الموجودة الفعليّة في نفسنا ، فكيف يصحّ لنا أن نقول : لم ينتقض في هذه القطرة قطعنا بالنجاسة بالقطع بالطهارة ، بل نحن شاكَّون في طهارتها بعد ما كنّا قاطعين بالنجاسة . فإن قلت : النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمات ، فإذا كان انطباق تلك الصور المقطوعة التفصيليّة الجزئيّة على هذه القطرة مشكوكا فالحاصل فيها هو الشكّ وإن كان الصورة المحتملة الانطباق مقطوعة . قلت : لا ندّعى عدم حصول الشكّ في هذه القطرة ، كيف وهذه الدعوى مصادمة للضرورة والبداهة ، بل نقول : تلك الصورة مقطوعة بالقطع