وممّا يستدلّ به على اللزوم في كلّ مقام شكّ فيه ، قوله تعالى : « لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ » [1] ولا بأس بصرف عنان الكلام إلى تركيب الآية الشريفة قبل الخوض في تقريب الاستدلال وما فيه من النقض والإبرام . فاعلم أنّ اسم « تكون » مستتر فيه راجع : إمّا إلى الأموال ، والمعنى إلَّا أن تكون أموالا متجورة بها عن تراض ، أو أموالا مأخوذة عن تراض ، وإمّا إلى المقدّر قبله ، والتقدير والمعنى : بجهة من الجهات ، إلَّا أن تكون جهة التجارة عن تراض ، أو جهة كائنة عن تراض . والظاهر أنّ قوله : « عَنْ تَراضٍ » قيد لقوله : « تِجارَةً » خرج به ما ليس كذلك ، كبيع المكره . فإن قلت : كيف والمكره راض بالبيع ، باعتبار أنّه يتوسّل به إلى دفع ما توجّه إليه من الضرر النفسي ، أو العرضي أو المالي ، نعم لا يكون راضيا بالبيع لو خلَّي وطبعه وبعنوانه الأوّلي . قلت : نعم ولكنّ المراد بالتراضي في الآية رضا خاصّ ، يعبّر عنه في العرف بطيب النفس ، جمعا بينها وبين قوله - عليه السلام - : لا يحلّ مال امرئ إلَّا عن طيب نفسه ، والدليل على أخصّية طيب النفس من مطلق الرضا : أنّ من أكره على شيء لا يقال في العرف : إنّه طيّب النفس بالنسبة إلى هذا الشيء ، ولكن يقال : إنّه راض به بعنوانه الثانوي . ولا يتوهم أنّ طيب النفس عبارة : عن الرضا بالشيء بعنوانه الأوّلي ، لأنّه