إنها شاملة للمستطيع بنفسه وغيره فيدخل المعضوب الواجد من يحج عنه وبه التناول على ما قيل . مع أن قيام فعل الغير مقام فعل الشخص مجاز مبني على إعراب الآية وفيه ثلاثة أوجه : أحدها إضافة ( حج ) الذي هو مصدر إلى المفعول و ( من ) هو الفاعل وتقديره أن يحج المستطيع البيت . والثاني كذلك إلا أن ( من ) شرطية جزاؤها محذوف ، التقدير من استطاع إليه سبيلا فليفعل . الثالث بدل بعض من كل والتقدير على المستطيع من الناس حج البيت ، فعلى الأول يكون الحمل على الأمرين جمعاً بين الحقيقة والمجاز . وعلى الثاني والثالث لا يكون جمعاً بينهما » . وهذا غير ما قلناه فإنا نحمل الآية على الوجه الثالث ونقول : إن حج البيت مباشري واستنابي والأول يتأتى من الصحيح القادر والاستنابي من العاجز فتصحيح القادر على المباشرة يجب عليه الحج بنفسه والمستطيع العاجز يجب عليه الاستنابة . وينبغي أن يحمل الروايات على هذا المعنى حتى يرتفع كل تهافت ظاهري بينها والله أعلم . ومع ذلك نقول الله وحججه : هم العالمون بأحكامه تعالى وتفسير كتابه ونعوذ بالله من أن نفسر القرآن بالرأي والاجتهاد ونقول فيه ما ليس ظاهراً فيه أو لا يدل عليه تفسيرهم إذاً فلم نقل ما قلناه إلا على سبيل الاحتمال وجواز كون روايات الباب تفسيراً للكتاب فلنرجع إلى الروايات . فمنها : صحيح الحلبي الذي رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام ( ولفظه ) قال : إن كان رجل موسر حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره الله عز وجل فيه فإن عليه أن يحج عنه صرورة لا مال له [1] ورواه الصدوق ( بإسناده الصحيح عن طريقين )
[1] الكافي : 4 / 273 ح 5 ، من لا يحضره الفقيه : 2 / 260 ح 148 .