نام کتاب : الدروس الشرعية في فقه الإمامية نویسنده : الشهيد الأول جلد : 1 صفحه : 65
وكلما كان الإنسان هادفاً في حياته إنسانياً في سلوكه ، حركياً عملياً يتوسع فكره لأكثر من نفسه ، ويتسع صدره لغير ( الأنا ) و ( الذات ) كان أكثر تأثيراً في مصير الناس ، وبناء التأريخ ، وكانت النتيجة بجانبهم ولصالحهم ، وذلك لسبب بسيط ، فالذي يملك هدفاً في الحياة لا بدّ أن يترك أثراً فيها ويطبع الحياة بطابع من هدفه بعكس الذي لا يملك هدفاً ، فإنه لا يهمه أن يتحقق هذا الهدف ، أو لا يتحقق ويطبع الحياة هذا الطابع أو لا يطبعها ، وإنما الذي يهمه هو أن يرتع ويلعب ويخوض مع الخائضين ويعبث مع العابثين . وطبيعة هذه الحياة غير الهادفة تنتهي بالشخص إلى الضياع بعكس الذين يملكون هدفاً في الحياة فلا يمكن أن يضيعوا ، ولا يمكن أن تغطيهم الاتجاهات الأخرى ، ولا يمكن أن يقضي التأريخ على معالمها وملامحها . وبهذا الشكل نجد أن لا تعارض هناك بين الإنسان الهادف ، والإنسان غير الهادف ، وأن الإنسان الهادف يشق طريقه من بين صنوف غير الهادفين ، ولذلك فالعاقبة دائماً لصالح العاملين الصالحين ، والنتيجة لهم ومهما تحملوا من عناء ، ومهما وجدوا أذى ، ومهما لاقوا من محن ، ولأمر مّا قال اللَّه تعالى : * ( إِنَّ الأَرْضَ لِلَّه يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِه والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) * [1] . وهذا ما يدفع العاملين أن يخوضوا ميادين الكفاح الجهاد ، ولا يفكروا في راحة وسكون ، فالراحة والنعيم والسكون والهدوء لم تخلق لهم ولم يُخلقوا لها ، وإنما خلقوا للون آخر من الحياة يملؤها النشاط والحركة والثورة ، وكفاهم أن تكون النتيجة بعد ذلك بجانبهم والعاقبة لهم ، وأن العمل للَّه . وليس المهم بعد ذلك أن يلاقوا ألواناً من العنت والتعب ، والمحنة والأذى ، وأن يضحوا في سبيل ذلك بكل شيء : بأموالهم ، وأولادهم ونفوسهم ، وأن