responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 4


وما أحلى ما ناسب ابن هانئ قسمي مطلعه بالاستعارات الفائقة حيث قال بسم الصباح لأعين الندماء * وانشق جيب غلالة الظلماء وقال الشريف أبو جعفر البياضي يشير إلى الرفق بالإبل عند السرى وتلطف ما شاء في تناسب القسمين حيث قال رفقا بهن فما خلقن حديدا * أو ما تراها أعظما وجلودا وهذه القصيدة طريقها الغريب لم يسلكها غيره فإنه نسجها جميعها على هذا المنوال ومنها يفلين ناصية الفلا بمناسم * وسم الوجا بدمائهن البيدا فكأنهن نثرن درا بالخطا * ونظمن منه بسيرهن عقودا ومما يعذب في الذوق من هذا الباب قول ابن قاضي ميلة يزيد الهوى دمعي وقلبي المعنف * ويحيي جفوني الوجد وهو المكلف وقد نبه مشايخ البديع على يقظة الناظم في حسن الابتداء فإنه أول شيء يقرع الأسماع ويتعين على ناظمه النظر في أحوال المخاطبين والممدوحين وتفقد ما يكرهون سماعه ويتطيرون منه ليتجنب ذكره ويختار لأوقات المدح ما يناسبها وخطاب الملوك في حسن الابتداء هو العمدة في حسن الأدب فقد حكي أن أبا النجم الشاعر دخل على هشام بن عبد الملك في مجلسه فأنشده من نظمه صفراء قد كادت ولما تفعل * كأنها في الأفق عين الأحول وهشام بن عبد الملك أحول فأخرجه وأمر بحبسه وكذلك اتفق لجرير مع أبيه عبد الملك فإنه دخل عليه وقد مدحه بقصيدة حائية أولها أتصحو أم فؤادك غير صاح فقال له عبد الملك بل فؤادك يا ابن الفاعلة ومن هذه الجهة بعينها عابوا على أبي الطيب المتنبي خطابه لممدوحه في مطلع قصيدة حيث قال كفى بك داء أن ترى الموت شافيا * وحسب المنايا أن يكن أمانيا ومن مستقبحات الابتداء قول البحتري وقد أنشد يوسف بن محمد قصيدته التي أولها لك الويل من ليل تقاصر آخره فقال بل لك الويل والخزي وأما قصة إسحاق ابن إبراهيم الموصلي في هذا الباب فإني أنفعل وأخجل عند سماعها وما ذاك إلا أنه دخل على المعتصم وقد فرغ من بناء قصره بالميدان فشرع في إنشاء قصيدة نزل بمطلعها إلى الحضيض وكان هو وحكاية الحال في طرفي نقيض وهو يا دار غيرك البلا ومحاك * يا ليت شعري ما الذي أبلاك فتطير المعتصم من قبح هذا المطلع وأمر بهدم القصر على الفور فنعوذ بالله من آفة الغفلة هذا مع يقظة إسحاق وسير الركبان بحسن محاضرته ومنادمته للخلفاء ولكنه قد يخبو الزناد وقد يكبو الجواد مع أنه قيل إن أحسن ابتداء ابتدأ به مولد قول إسحاق الموصلي حيث قال هل إلى أن تنام عيني سبيل * إن عهدي بالنوم عهد طويل فانظر إلى هذا الأديب الحاذق المتيقظ كيف استطردت به خيول السهو إلى أن خاطب المعتصم في قصر رياحين تشييده غضة بخطاب الأطلال البالية وانظر إلى حشمة أبي نواس كيف خاطب الدمن بخطاب تود القصور العالية أن تتحلى بشعاره مع بلوغه في تناسب القسمين الطرف الأقصى حيث قال لمن دمن تزداد حسن رسوم * على طول ما أقوت وطيب نسيم وقصة ذي الرمة مع عبد الملك تقارب قصة إسحاق مع المعتصم فإنه دخل عليه يوما فأمره بإنشاد شيء من شعره فأنشد قوله ما بال عينك منها الماء ينسكب وكان بعين عبد الملك رمش فهي تدمع أبدا فتوهم أنه خاطبه وعرض به فقال له ما سؤالك عن هذا يا ابن الفاعلة فمقته وأمر بإخراجه حسن الابتداء عند المحدثين انتهى ما أوردته في حسن الابتداء للعرب والمولدين وفحول الشعراء ونبهت على حسنه وقبيحه ولكن جذبتني يا أخا العرب نسبة المتأخرين إلى أن أثبت في هذا المحل تشبيبها ونسيبها وأظهر في شرح هذه البديعية الآهلة بديعها وغريبها ليعلم من تنزه في هذه الحدائق الزاهرة إن ما ربيع الآخر

4

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست