وهذه القصيدة كتبت بها من القاهرة المحروسة سنة اثنتين وثمانمائة إلى القاضي تاج الدين بن البارزي صاحب دواوين الإنشاء الشريف تشوقا إليه وإلى حماة المحروسة وقلت بعد المطلع أخاطب النسيم بما هو أرق منه يا صادق الأنفاس يا أهل الذكا * يا طاهر الأذيال كم لك من نبا يا من نراه عبارة عن حاجر * يا روح نجد مرحبا بك مرحبا يا نسمة الخير الذي من طيبه * نتنشق الأخبار عن تلك الربا بالله إن رنحت ذيلك بالحمى * ووردت شعبا من دموعي معشبا وهززت فيه كل عود أراكة * أضحى بهاتيك الثغور مطيبا ولثمت من ثغر الأقاحي مبسما * أبدى بدر الطل ثغرا أشنبا ودخلت كل خباء زهر قد غدا * بدموع أجفان الغمام مطنبا وطرقت حي العامرية ظامئا * فنعمت في الوادي بريا زينبا وحملت من نشر الخزامي نقحة * مشمولة بالطيب من ذاك الخبا عج بالعذيب فإن محجر عينه * أضحى لما حملته مترقبا واصحب عبير المسك منه فإنه * لشوارد الغزلان أضحى مشربا وإذا تنسمت الشذا وتعطرت * منك الذيول وطبت يا ريح الصبا عرج على وادي حماة بسحرة * متيمما منه صعيدا طيبا واحمل لنا في طي بردك نشره * فبغير ذاك الطيب لن نتطيبا وأسرع إلي وداو في مصر به * قلبا على نار البعاد مقلبا لله ذاك السفح والوادي الذي * ما زال روض الأنس فيه مخصبا وأنعم بمصر نسبة لكن أرى * وادي حماة ولطفه لي أنسبا أرض رضعت بها ثدي شبيبتي * ومزجت لذاتي بكاسات الصبا يا ساكني مغنى حماة وحقكم * من بعدكم ما ذقت عيشا طيبا ومهالك الحرمان تمنع عبدكم * من أن ينال من التلاقي مطلبا وإذا اشتهيت السير نحو دياركم * قرأ النوى لي في الأواخر من سبا وقد التفت إليك يا دهري يطول * تعتبي ويحق لي أن أعتبا قررت لي طول الشتات وظيفة * وجعلت دمعي في الخدود مرتبا وأسرتني لكن بحق محمد * يا دهر كن في مخلصي متسببا فمحمد ومدينة قد حلها * لم ألق غيرهما لقلبي مطلبا مولى إذا قصد الزمان بلحنه * خفضي غدا عن رفع قدري معربا ذو رتبة نصب السعود بيوتها * من فوق هام الفرقدين وطنبا وفضائل أمست على حلل العلوم * برقمها الزاهي طرازا مذهبا وكتابة منسوبة لكن إلى * عين الكمال وحقها أن تنسبا وإذا تسنم ذروة من منبر * لخطابة فابن الخطيب هنا هبا من بيت فضل قد علت طبقاته * وأراه للعلم الشريف مبوبا وإذا وقفت لحاجة في بابه * تلقاه بابا للنجاح مجربا يا كاتب الأسرار يا من فضله * قد جمل الدنيا وزان المنصبا أقلامك السمر الرشاق إذا انثنت * أغنت نهار الخطب عن بيض الظبا