وآتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا منها شيطان تطلع شمس النصرة من بين قرنيه مارد لا يصلح إلا بتعريك أذنيه صورة مركبة ليس لها من تركيب النظم إلا ما حملت ظهورها أو الحوايا أو ما اختلط بعظم وأما براعة الشيخ جمال الدين بن نباتة في خطبة كتابه المسمى بخبز الشعير فإنها خاص الخاص ولا بد من مقدمة تكون هي النتيجة الموجبة لتسمية هذا الكتاب بخبز الشعير فإنه مأكول مذموم وما ذاك إلا إنه كان يخترع المعنى الذي لم يسبق إليه ويسكنه بيتا من أبياته العامرة بالمحاسن فيأخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي بلفظه ولا يغير فيه غير البحر وربما عام به في بحر طويل يفتقر إلى كثرة الحشو واستعمال ما لا يلائم فلم يسع الشيخ جمال الدين إلا أنه جمعه من نظمه ونظم الشيخ صلاح الدين واستهل خطبته بقوله تعالى رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا ورتب كتابه المذكور على قوله قلت أنا فأخذه الشيخ صلاح الدين وقال فمن ذلك قول الشيخ جمال الدين قلت ومولع بفخاخ * يمدها وشباك قالت لي العين ماذا * يصيد قلت كراكي فأخذه الشيخ صلاح الدين وقال غار على سرح الكرى عندما رمى الكراكي * غزال للبدور يحاكي فقلت ارجعي يا عين عن ورد حسنه * ألم تنظريه كيف صاد كراكي ومن ذلك قال الشيخ جمال الدين قلت أسعد بها يا قمري برزة * سعيدة الطالع والغارب صرعت طيرا وسكنت الحشا * فما تعديت عن الواجب فأخذه الشيخ صلاح الدين وقال من البحر نفسه قلت له والطير من فوقه * يصرعه بالبندق الصائب سكنت في قلبي فحركته * فقال لم أخرج عن الواجب قال الشيخ جمال الدين قلت وبمهجتي رشأ يميس قوامه * فكأنه نشوان من شفتيه شغف العذار بخده ورآه قد * نعست لواحظه فدب عليه فأخذه الصلاح وقال وأهيف كالغصن الرطيب إذا انثنى * تميل حمامات الأراك إليه له عارض لما رأى الطرف ناعسا * أتى خده سرا فدب عليه وأحسن ما وقع في هذا الباب للشيخ جمال الدين أنه قال بروحي عاطر الأنفاس ألمي * ملي الحسن خالي الوجنتين له خالان في دينار خد * تباع له القلوب بحبتين فأخذه الصلاح وقال بروحي خده المحمر أضحت * عليه شامة شرط المحبة كأن الحسن يعشقه قديما * فنقطه بدينار وحبه فلما وقف الشيخ جمال الدين على هذين البيتين قال لا إله إلا الله الشيخ صلاح الدين سرق كما يقال من الحبتين حبة قال الشيخ جمال الدين قلت يا غادرا بي ولم أغدر بصحبته * وكان مني محل السمع والبصر قد كنت من قلبك القاسي أخال جفا * فجاء ما خلته نقشا على حجر فأخذه الشيخ صلاح الدين وقال ما زلت أشكو حين وفر لي الضنا * فسما وأسلمني إلى البلوى وفر