نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 263
حماه الدنيا كما يحمي الانسان مريضه من الطعام والشراب ودخل على عثمان بن مظعون وهو في الموت فأكب عليه يقبله ويقول : ( رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك ) فغبطة بذلك وكان يقول : ( الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن والرغبة في الدنيا تطيل الهموم والحزن ) وكان يقول : ( من جعل الهموم كلها هما واحدا كفاه الله سائر همومه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك ) وأخبر أنه يؤتي يوم القيامة بأنعم الناس فيقول : ( يا ابن آدم هل أصبت نعيما قط هل رأيت قرة عين قط هل أصبت سرورا قط فيقول : لا وعزتك ثم يقول : ردوه إلى النار ثم يؤتى بأشد الناس بلاء في الدنيا وأجهد جهدا فيقول تبارك وتعالى : اصبغوه في الجنة صبغة فيصبغ فيها ثم يؤتى به فيقول : يا ابن آدم هل رأيت ما تكره قط فيقول : لا وعزتك ما رأيت شيئاً قط أكرهه ) . وفي حديث مناجاة موسى الذي رواه الإمام أحمد في كتاب ( الزهد ) : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل حدثنا عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه فذكره وفيه : ( ولا تعجبكما زينته ولا ما متع به ولا تمدان إلى ذلك أعينكما فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين واني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته نعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت ولكني أرغب بكما عن نعيمها ذلك وأزويه عنكما وكذلك أفعل بأوليائي وقديما ما خرت لهم في فاني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مراعي الهلكة واني لأجنبهم سلوتها وعيشها كما
263
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 263