الحكمة في دفنه ( في بيته والفرق بين زيارة قبره وزيارة غيره من المسلمين ( إن سنَّة المسلمين أن يدفنوا في الصَّحراء تحت السماء ، كما كان هو ( ص ) يدفن أصحابه في البقيع ، ولم يدفن أحداً منهم تحت سقف في بيت ، ولا بنى على أحدٍ منهم سقفاً ولا حائطاً ؛ بل قد ثبت عنه في « الصحيح » أنه نهى أن يُبنى على القبور [1] ، وهو ( ص ) دُفن في بيته تحت السقف ، وذلك لما بيَّنته عائشة رضي الله عنها من أنه لو دُفن في الصَّحراء لخيف أن يُتَّخذ قبره مسجداً [2] ؛ فإن عامَّة النَّاس لِمَا في قلوبهم من تعظيمه ( ص ) قد يقصدون الصَّلاة عنده ، بل قد يرون ذلك أفضل لهم من الصَّلاة في مكان آخر ، كما فعل أهل الكتاب حيث اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، ورأوا الصلاة عندها أفضل من الصَّلاة عند غيرها لما في النُّفوس من الشِّرك ، والَّذين يفعلون ذلك يرون أنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى ، وأن ذلك من أفضل أعمالهم ، وهم ملعونون ، قد لعنهم الله ورسوله ؛ كما قال ( ص ) : « لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » [3] . . . فلما كان دفنه في بيته من خصائصه لئلا يُتَّخذ قبره مسجداً ؛ فهو ( ص ) قد نهى أن يُتَّخذ قبره عيداً ؛ أي : يجتمع عنده في أوقات معتادة ، فقال : « صلُّوا عليَّ
[1] كما في « صحيح مسلم » ( كتاب الجنائز ، باب النهي عن تجصيص القبور ، 970 ) عن جابر رضي الله عنه ؛ قال : نهى رسول الله ( ص ) أن يُجصَّص القبر وأن يُقعَد عليه وأن يُبنى عليه . [2] كما في « صحيح البخاري » ( كتاب الجنائز ، باب ما يُكرَه من اتخاذ المساجد على القبور ، 1330 ) عنها عن النبي ( ص ) قال في مرضه الذي مات فيه : « لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجداً » . قالت : ولولا ذلك ؛ لأبرزوا قبره ؛ غير أني أخشى أن يُتَّخذ مسجداً . [3] انظر الذي قبله .