من خصائص القرن الثاني عشر لأوّل مرة في التاريخ بدرت محاولة التقريب بين المذاهب الإسلامية من نادر شاه افشار ( ت / 1148 ه ) القائد العسكري الإيراني السني المذهب ، ولأوّل مرة ظهر مصطلح المذهب الجعفري ، ولم يكن هذا المصطلح من قبل ، بل المذهب كان يعبر عنه بمذهب أهل البيت عليهم السّلام من دون تخصيص بأحد الأئمة عليهم السّلام ، وكأنّ الداعي إلى هذه الفكرة حاول حصر تأريخ المذاهب بالقرن الثاني والثالث ، حيث عاش فيهما أئمة المذاهب الأربعة ، ولم تأخذ الفكرة تقبّلا من مناوئية السياسين من الشيعة والسنة ، وقد غاب عنه أنّ العقيدة لا يمكن فرضها على المجتمع مهما كانت قوّة الساسة ، وإنما تنفع هذه القوة فيما إذا ساندت عقيدة ثابتة في المجتمع لتفوز بكسب الساحة وتتفوّق على أخواتها ، ومن أمثلة الفشل في التاريخ فرض المنصور العباسي المذهب المالكي ، والمأمون القول بخلق القرآن ، ولم يوفّقا في مسعاهما . ومن خصائص القرن الثاني عشر توسّع نادر شاه في غزو الهند سنة 1152 ه والذي انتهى حكمه في سنة 1210 ه وظهور آثار التطاحن والحروب المستمرّة بين آل عثمان السنّة في الروم ( تركيا ) والصفويّين الشيعة في إيران ، وعلى أثر هذه الحروب كانت الأقلَّيات الشيعيّة تحت النفوذ العثماني يعانون أشد المصائب ، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن ، وكان أسعدهم اليمنيون الذين حاربوا العثمانيين بالسلاح وفازوا باستقلالهم ، وأما غيرهم فلم يكن له محيص سوى اللجوء إلى مأمن في غير أوطانهم أو التقية بأشد أنواعها ، ولم تسلم مكتبات الشيعة في هذه الحروب من حملات الإبادة الشرسة فأحرقت وأبيدت ، وخاصة مكتبات الشيعة في سوريا ولبنان أيام أحمد الجزّار ، وكانت فترات معاهدات الصلح بين العثمانين والصفوين بين مدّ وجزر . وبالرغم من قوّة السلطة العثمانية العسكرية فقد قامت دولتان شيعيّتان ، هما : دولة أوده في لكنهو - الهند ، ودولة القاجاريين في طهران . وسنتحدث عنهما في القرن ( 13 ) .