وكان رحمه الله بعيدا عن الدنيا ومفاتنها ، وحينما زاره جمع من المسلمين في سامراء قالوا فيه : « زهده كزهد سيدنا عمر » ومن شواهد ذلك أنه ألَّف ثلاث رسائل في القطع والظن والشك هي محور الدراسة في الأصول منذ عصره حتى اليوم ، وهو لم يسمّها باسم خاصّ ولا ابتدأ فيها بتسمية نفسه فعرفت بالرسائل ، حتى جاء تلميذه الآشتياني فسمّاها درر الفرائد . وكتاباه : ( الرسائل ) و ( المكاسب ) محور النقد والبحث والشرح والتعليق في الحوزات العلمية اليوم ، مع أنّهما لا يشكَّلان دورة فقهية منسقة ، لكنهما تتبنّى المباني التي لا يمكن بدونها الاستنباط في سائر أبواب الفقه ، وكان تركيزه رحمه الله على سدّ الفراغ في التأليف ، وكنت استغرب لما ذا لم يكتب رحمه الله في مباحث الألفاظ بنفسه ، وان كان له تقريرات فيها ؟ فسألت جمعا من شيوخي عن ذلك ، ولم أجد منهم جوابا شافيا ، حتى قال شيخي الأستاذ البجنوردي رحمه الله إنّه سئل أن يكتب في ذلك فقال رحمه الله : « فيما كتبه صاحب الهداية كفاية » ويعني رحمه الله بذلك ( هداية المسترشدين في شرح معالم الدين ) للشيخ محمد تقي الأصبهاني فهو بحر خضمّ ، يغفل عنه معاصرونا ، ولا حول ولا قوّة إلَّا بالله . وقد توفي رحمه الله في ليلة الثامن عشر في جمادى الثانية 1281 ه في النجف الأشرف ، وقال فيه الشاعر الكربلائي كمّونة قصيدة ، منها قوله : < شعر > أصاب رزء المرتضى وجددا رزء فتى أحيا الدجى تهجّدا لو لم يكن سلمان خير زاهد لقلت سلمان بزهده اقتدى < / شعر > وقيل في تاريخ وفاته : < شعر > إنّ الإمام المرتضى ومن استقام به الرشاد مذ غاب عنّا قلت في تاريخه : ظهر الفساد < / شعر > أسند إليه النوري في المستدرك ، وشيخنا العلامة في ضياء المفازات وعقد له حلقة خاصة بطرقه .