قلت : يكفي العبد في صدقه ونصحه أنه حابى مولانا في أبيه نصحًا لأمير المؤمنين وأشرت إلى رد مكتوبه ، فقال : صدقت ، أنت الوزير ، فقلت : إلى متى . فقال : إلى الموت ، فقلت : أحتاج واللّه إلى اليد الشريفة ، فأحلفته على ما ضمن لي . قال صاحب سيرته : وأخبرني الخادم " مرجان بن عبد اللّه - أحد خواص خدم الخليفة قال : سمعت المستنجد بالله أمير المؤمنين ينشد وزيره عون الدين أبا المظفر بن هبيرة ، وفد مثل الوزير بين يدي سدته في أثناء مفاوضة جرت بينهما في كلام يرجع إلى تقرير قواعد الدين ، وانظر في مصالح الإسلام والمسلمين ، فأعجب الخليفة به ، فأنشده الخليفة - يمدحه - أربعة أبيات : الأخيرين منهما لنفسه ، والأولين لابن حيوس ، وهي : صفت نعمتان خصّتاك وعمّتا * فذكرهما حتى القيامة يذكر وجودك والدنيا إليك فقيرة * وجودك والمعروف في الناس ينكر فلو رام يا يحيى مكانك جعفر * ويحيى لكفى عنه يحيى وجعفر ولم أرَ من ينوي لك السوء يا أبا * المظفر إلا كنت أنت المظفر وقال ابن الذهبي في تاريخه : كان عالمًا فاضلاً ، عابدًا عاملاً ، ذا رأي صائب وسريرة صالحة ، وظهرت منه كفاية تامة ، وقيام بأعباء الملك حتى شكره الخاص والعام . وكان مكرمًا لأهل العلم ، ويقرأ عنده الحديث عليه ، وعلى الشيوخ بحضوره ، ويجري من البحث والفوائد ما يكثر ذكره . وكان مقربًا لأهل العلم والدين ، كريمًا طيب الخلق . قال ابن القطيعي : كان ابن هبيرة عفيفًا في ولايته ، محموداً في وزارته ، كثير البر والمعروف ، وقراءة القرآن ، والصلاة والصيام ، يحب أهل العلم ، ويكثر مجالستهم ومذاكرتهم ، جميل المذهب ، شديد التظاهر بالسنة .