responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 449


وتعالى الحكمة قلبه وأنطق بها لسلانه وبصره داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام .
وروينا في الخبر : الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له . وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول : رأيت سبعين بدريا كانوا والله فيما أحلّ تعالى لهم أزهد منكم فيما حرّم الله تعالى عليكم . وفي حديث آخر : كانوا بالبلاء والشدة تصيبهم أشد فرحا منكم بالخصب والرخاء لو رأيتموهم قلتم مجانين ، ولو رأوا خياركم قالوا : ما لهؤلاء من خلاق ولو رأوا أشراركم قالوا ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب قال : وكان أحدهم يعرض له المال الحلال فلا يأخذه ويقول : أخاف أن يفسد على قلبي . فمن كان له قلب حفظه من فساده وخاف من تغيّره وإبعاده وعمل في صلاحه وإرشاده . ومن لم يكن له قلب فهو يتقلَّب في ظلمات الهوى فربما انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ، أو يكون من أهل الرضا بالدنيا وأهل الغفلة عن آيات الله تعالى فيكون قد رضي بلا شيء وآثره على من ليس كمثله شيء كوصف من أخبر الله تعالى عنه في قوله تعالى : * ( ورَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا واطْمَأَنُّوا بِها والَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ ) * [ يونس : 7 ] فيستحق الإعراض من الحبيب ويستوجب المقت من القريب كمثل من أمر الله تعالى بالإعراض عنهم وترك القبول منهم إذ يقول عزّ من قائل : * ( فَأَعْرِضْ عَنْ من تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا ولَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا . ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ من الْعِلْمِ ) * [ النجم : 29 - 30 ] وقال عزّ وجلّ : * ( ولا تُطِعْ من أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واتَّبَعَ هَواهُ وكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) * [ الكهف : 28 ] أي مجاوزا لما نهي عنه مقصرا عمّا أمر به وقيل مقدما إلى الهلاك . وقد نهى الله تعالى رسوله أن يوسع نظره إلى أهل الدنيا مقتا لهم وأخبر أن ما أظهره من زهرة الدنيا فتنة لهم وأعلمه أن القناعة والزهد خير وأبقى . تنتظم هذه المعاني في قوله تعالى : * ( ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا به أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ورِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأَبْقى ) * [ طه : 131 ] . قيل : القناعة وقيل : فوت يوم بيوم ويقال : الزهد في الدنيا وهذا الوجه أشبه بكتاب الله تعالى بدليل قوله تعالى : * ( والآخِرَةُ خَيْرٌ وأَبْقى ) * [ الأعلى : 17 ] .
وكذلك قوله تعالى : * ( ورِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأَبْقى ) * [ طه : 131 ] يعني الزهد في الدنيا . وقال أيضا في مثله : * ( بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ ) * [ هود : 86 ] يعني القناعة وقيل :
الحلال . وفي خبر : إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مر في أصحابه بعشار من النوق حفل وهي الحوامل وكانت من أحبّ أموالهم إليهم وأنفسه عندهم لأنها تجمع الظهر واللحم واللبن والولد والوبر ، وهي الرواحل من الإبل التي ضرب النبي عليه السلام بها مثل خيار الناس فقال عليه

449

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست