نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 369
الجسم من النّعم سبعة أضعاف النّعم التي في ظاهره ، وإن في القلب من النّعم أضعاف ما في الجسم كلَّه من النّعم ، وإن نعم الإيمان باللَّه تعالى والعلم واليقين أضعاف نعم الأجسام والقلوب ، فهذه كلَّها نعم مضاعفة على نعم مترادفة لا يحصيها إلا من أنعم بها ولا يعلمها إلا من خلقها . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، سوى نعم المطعم والمشرب والملبس والمنكح من دخول ذلك وخروجه وكثرة تكرره وتزايده بأن أدخل مهناه وأخرج أذاه وبأن طيب مدخله ويسرّ مخرجه وبقي منفعته وما أحال من صورته وغيّر من صفته فللتزهيد والذلة والاعتبار والتذكرة ، وتلك أيضا نعم . قال : يقال إن الرغيف لا يستدير حتى يعمل فيه ثلاثمائة وستون صنعة من السماء والأرض وما بينهما من الأجسام والأعراض والأفلاك والرياح والليل والنهار وبني آدم وصنعائهم والبهائم ومعادن الأرض ، أوّلها ميكائيل الذي يكيل الماء من الخزائن فيفرغه على السحاب ثم السحاب التي تحمله فيرسله ثم الرياح التي تحمل السحاب والرعد والبرق والملكان اللذان يسوقان السحاب وآخرها الخباز فإذا استدار رغيفا طلب سبعة آلاف صانع كل صانع أصل من أصول الصنائع ، فهذه كلها نعم في حضور رغيف فكيف بما زاد عليه مما وراءه . فعلى العبد بكلّ نعمة شكران طولب بشكر نعمة واحدة علي حقيقتها هلك إلا أن تغمّده رحمة من ربه فتغمره لتمام النعمة . وروينا أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللَّهم إني أسألك تمام النعمة ، فقال : هل تدري ما تمام النعمة ؟ قال : لا . قال : دخول الجنة وقيل لبعض الحكماء : ما النعيم ؟ قال : الغني فإني رأيت الفقير لا عيش له . قيل : زدنا ، قال العافية فإني رأيت السقيم لا عيش له قيل : زدنا قال : الأمن فإني رأيت الخائف لا عيش له ، قيل : زدنا ، قال : الشباب فإني رأيت الهرم لا عيش له . قيل : زدنا ، قال : لا أجد مزيدا . وبعض ما ذكره هو أحد الوجوه في قوله تعالى : * ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ في حَياتِكُمُ الدُّنْيا ) * [ الأحقاف : 20 ] قيل : الشباب وقيل : الفراغ وقيل الأمن والصحة ، وفي قوله تعالى : * ( وعَصَيْتُمْ من بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ) * [ آل عمران : 152 ] قيل : العوافي والغنى . وبمعناه في قوله تعالى : * ( وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً ) * [ لقمان : 20 ] قيل : ظاهرة العوافي وباطنة البلاوي لأنه سبب نعيم الآخرة ومزيدها لقوله تعالى : * ( ونَقْصٍ من الأَمْوالِ والأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) * [ البقرة : 155 ] . وقد جاء في الخبر : من أصبح معافى في بدنه آمنا في سربه وعنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها وأنشدت في معناه لبعض أهل القناعة :
369
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 369