نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 254
عبارة عن أغلب الاحتمالين ، ولكن لا يجوز اتباعه إلا بدليل فخبر الواحد لا يورث إلا غلبة الظن من حيث إن صدق العدل أكثر وأغلب من كذبه ، وصيغة العموم تتبع ، لان إرادة ما يدل عليه الظاهر أغلب ، وأكثر من وقوع غيره والفرق بين الفرع والأصل ممكن غير مقطوع ببطلانه في الأقيسة الظنية ، لكن الجمع أغلب على الظن ، واتباع الظن في هذه الأصول لا لكونه ظنا ، لكن لعمل الصحابة به واتفاقاتهم عليه ، فكذا نعلم من سيرة الصحابة إنهم ما اعتقدوا كون غير القرآن منسوخا من أوله إلى آخره ، ولم يبق فيه عام لم يخصص إلا قوله تعالى : * ( وهو بكل شئ عليم ) * ( البقرة : 92 ) وألفاظ نادرة ، بل قدروا جملة ذلك بيانا ، وورد العام والخاص في الاخبار ، ولا يتطرق النسخ إلى الخبر ، كقوله تعالى : * ( وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) * ( القلم : 03 ) وتخصيصا لقوله تعالى : * ( هذا يوم لا ينطقون ) * ( المرسلات : 53 ) وتخصيص قوله تعالى : * ( وأوتيت من كل شئ ) * ( النمل : 32 ) و * ( تدمر كل شئ بأمر ربها ) * ( الأحقاف : 52 ) و * ( ويحيى إليه ثمرات كل شئ ) ( القصص : 75 ) وكانوا لا ينسخون إلا بنص وضرورة ، أما بالتوهم فلا ، ولعل السبب أن في جعلهما متضادين إسقاطهما ذا لم يظهر التاريخ ، وفي جعله بيانا استعمالها ، وإذا تخيرنا بين الاستعمال والاسقاط فالاستعمال هو الأصل ولا يجوز الاسقاط إلا لضرورة . تنبيه : أعلم أن القاضي أيضا إنما يقدر النسخ بشرط أن لا يظهر دلالة على إرادة البيان ، مثاله قوله : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ، عام يعارضه خصوص قوله صلى الله عليه وسلم : إهاب دبغ فقد طهر لكن القاضي يقدره نسخا بشرطين : أحدهما : أن لا ينبت في اللسان اختصاص اسم الإهاب بغير المدبوغ ، فقد قيل ما لم يدبغ الجلد يسمى إهابا ، فإذا دبغ فأديم وصرم وغيره ، فإن صح هذا فلا تعارض بين اللفظين . الثاني : أنه روي عن ابن عباس أنه عليه السلام مر بشاة لميمونة ميتة فقال : ألا أخذوا إهابها فدبغوه وانتفعوا به وكانوا قد تركوها لكونها ميتة ثم كتب : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ، فساق الحديث سياقا يشعر بأنه جرى متصلا ، فيكون بيانا ناسخا لان شرط النسخ التراخي . المرتبة الثالثة : من التعارض أن يتعارض عمومان ، فيزيد أحدهما على الآخر من وجه وينقص عنه من وجه ، مثاله قوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه فإنه يعم النساء مع قوله : نهيت عن قتل النساء فإنه يعم المرتدات ، وكذلك قوله : نهيت عن الصلاة بعد العصر فإنه يعم الفائتة أيضا مع قوله : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإنه يعم المستيقظ بعد العصر ، وكذلك قوله : * ( تعلمون ) * ( النساء : 32 ) فإنه يشمل جمع الأختين في ملك اليمين أيضا مع قوله : * ( أو ما ملكت أيمانكم ) * ( النساء : 3 ) فإنه يحل الجمع بين الأختين بعمومه فيمكن أن يخصص قوله : * ( وأن تجمعوا بني الأختين ) * ( النساء : 32 ) بجمع الأختين في النكاح دون ملك اليمين لعموم قوله : * ( أو ما ملكت أيمانكم ) * فهو على مذهب القاضي تعارض وتدافع بتقدير النسخ ، ويشهد له قول علي وعثمان رضي الله عنهما لما سئلا عن هذه المسألة ، أعني جمع أختين
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 254