نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 247
والمخاطب إنما يدخل تحت خطاب نفسه إذا أثبت الحكم بلفظ عام ، كقوله : حرم الوصال على كل عبد أو على كل مكلف ، أو على كل إنسان ، أو كل مؤمن أو ما يجري مجراه ، وإن كان بلفظ عام فيكون فعله تخصيصا . المثال الثاني : أنه نهى عن استقبال القبلة في قضاء الحاجة ثم رآه ابن عمر مستقبلا بيت المقدس على سطح ، فيحتمل أنه تخصيص ، لأنه كان وراء سترة والنهي كان مطلقا ، وأريد به ما إذا لم يكن ساتر ، ويحتمل أنه كان مستثنى ومخصوصا فهو دليل على خروجه عن العموم إن كان اللفظ المحرم عاما له ، ولا يصلح هذا ، لان ينسخ به تحريم الاستقبال لأنه فعل يكون في خلوة وخفية فلا يصلح لان يراد به البيان ، فإن ما أريد به البيان يلزمه إظهاره عند أهل التواتر أن تعبد فيه الخلق بالعلم وإن لم يتعبدوا إلا بالظن والعمل ، فلا بد من إظهاره لعدل أو لعدلين . المثال الثالث : أنه نهى عن كشف العورة ثم كشف فخذه بحضرة أبي بكر وعمر ، ثم دخل عثمان رضي الله عنهم فستره ، فعجبوا منه فقال : ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء فهذا لا يرفع النهي ، لاحتمال أنه لم يكن داخلا فيه ، أو لعله كشفه لعارض وعذر ، فإنه حكاية حال ، أو أريد بالفخذ ما يقرب منه وليس داخلا في حده أو إباحته خاصة له أو نسخ تحريم كشف العورة ، وإذا تعارضت الاحتمالات فلا يرتفع التحريم في حق غيره بالوهم . السابع : تقرير رسول الله ( ص ) واحدا من أمته على خلاف موجب العموم ، وسكوته عليه السلام عليه يحتمل نسخ أصل الحكم ، أو تخصيص ذلك الشخص بالنسخ في حقه خاصة له ، أو تخصيص وصف وحال ووقت ذلك الشخص ملابس له فيشاركه في الخصوص من شاركه في ذلك المعنى ، فإن كان قد ثبت ذلك الحكم في كل وقت وفي كل حال تعين تقرير لكونه نسخا ، إما على الجملة ، وإما في حقه خاصة ، والمستيقن حقه خاصة لكن لو كان من خاصيته لوجب على النبي عليه السلام أن يبين اختصاصه بعد أن عرف أمته أن حكمه في الواحد كحكمه في الجماعة ، فيدل من هذا الوجه على النسخ المطلق ، ولما أقر عليه السلام أصحابه على ترك زكاة الخيل مع كثرتها في أيديهم دل على سقوط زكاة الخيل ، إذ ترك الفرض منكر يجب إنكاره ، فإن قيل : فلعلهم أخرجوا ولم ينقل إلينا ، أو لعله لم يكن في خيلهم سائمة ، قلنا : العادة تحيل اندراس إخراجهم الزكاة طول أعمارهم والسوم قريب من الامكان ، ويجب شرح ما يقرب وقوعه فلو وجب لذكره فهذه سبع مخصصات ووراءها ثلاثة تظن مخصصات ، وليست منها فننظمها في سلك المخصصات . الثامن : عادة المخاطبين فإذا قال لجماعة من أمته : حرمت عليكم الطعام والشراب مثلا وكانت عادتهم تناولهم جنسا من الطعام ، فلا يقتصر بالنهي على معتادهم بل يدخل فيه لحم السمك والطير ، وما لا يعتاد في أرضهم لان الحجة في لفظه ، وهو عام وألفاظه غير مبنية على عادة الناس في معاملاتهم ، حتى يدخل فيه شرب البول وأكل التراب وابتلاع الحصاة والنواة ، وهذا بخلاف لفظ الدابة ، فإنها تحمل على ذوات الأربع خاصة لعرف أهل اللسان في تخصيص اللفظ وأكل النواة والحصاة يسمى أكلا في العادة ، وإن كان لا يعتاد فعله ، ففرق
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 247