نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 212
العمر ، وقد قال قوم : هو للمرة ، ويحتمل التكرار وقال قوم : هو للتكرار ، والمختار أن المرة الواحدة معلومة وحصول براءة الذمة بمجردها مختلف فيه ، واللفظ بوضعه ليس فيه دلالة على نفي الزيادة ولا على إثباتها ، وقياس مذهب الواقفية التوقف فيه لتردد اللفظ ، كتردده بين الوجوب والندب ، لكني أقول : ليس هذا ترددا في نفس اللفظ على نحو تردد اللفظ ، المشترك بل اللفظ خال عن التعرض لكمية المأمور به ، لكن يحتمل الاتمام ببيان الكمية ، كما أنه يحتمل أن نتممه بسبع مرات أو خمس ، وليس في نفس اللفظ تعرض للعدد ، ولا هو موضوع لآحاد الاعداد وضع اللفظ المشترك ، وكما أن قوله : أقتل إذا لم يقل أقتل زيدا أو عمرا فهو دون زيادة كلام ناقص ، فإتمامه بلفظ دال على تلك الزيادة ، لا بمعنى البيان ، فإن قيل : بين مسألتنا وبين القتل فرق ، فإن قوله : اقتل ، كلام ناقص لا يمكن امتثاله ، وقوله : صم ، كلام تام مفهوم يمكن امتثاله ، قلنا : يحتمل أن يقال : يصير ممتثلا بقتل أي شخص كان بمجرد قوله أقتل ، كما يصير ممتثلا بصوم أي يوم كان إذا قال : صم يوما بلا فرق ، ويكون قوله : أقتل ، كقوله : أقتل شخصا ، لان الشخص القتيل من ضرورة القتل ، وإن لم يذكر ، كما أن اليوم من ضرورة الصوم وإن لم يصرح به ، فيتحصل من هذا أنه تبرأ ذمته بالمرة ، الواحدة ، لان وجوبها معلوم ، والزيادة لا دليل على وجوبها ، إذ لم يتعرض اللفظ لها ، فصار كما قبل قوله : صم ، وكنا لا نشك في نفي الوجوب ، بل نقطع بانتفائه ، وقوله : صم دال على القطع في يوم واحد ، فبقي الزائد على ما كان ، هذا هو الظاهر من مطلق اللفظ المجرد عن الكمية ، ويعتضد هذا باليمين ، فإنه لو قال : والله لأصومن ، لبر بيوم واحد ، ولو قال : لله علي صوم لتفصى عن عهدة النذر بيوم واحد ، لان الزائد لم يتعرض له ، فإن قيل : فلو فسر التكرار بصوم العمر فقد فسره بمحتمل ، أو كان ذلك الحاق زيادة ، كما لو قال : أردت بقولي : اقتل . أي أقتل زيدا ، وبقولي : صم ، أي صم يوم السبت خاصة . فإن هذا تفسير بما لا يحتمله اللفظ ، بل ليس تفسيرا ، إنما ذكر زيادة لم يذكرها ، ولم يوضع اللفظ المذكور لها ، لا بالاشتراك ولا بالتجوز ولا بالتنصيص . قلنا : هذا فيه نظر ، والأظهر عندنا أنه إن فسره بعدد مخصوص كتسعة أو عشرة ، فهو إتمام بزيادة وليس بتفسير ، إذ اللفظ لا يصلح للدلالة على تكرر وعدد ، وإن أراد استغراق العمر فقد أراد كلية الصوم في حقه ، وكأن كلية الصوم شئ فرد أذله حد واحد وحقيقة واحدة ، فهو واحد بالنوع ، كما أن اليوم الواحد واحد بالعدد ، واللفظ يحتمله ، ويكون ذلك بيانا للمراد لا استئناف زيادة ، ولهذا لو قال : أنت طالق ، ولم يخطر بباله عدد كانت الطلقة الواحدة ضرورة لفظه فيقتصر عليها ، ولو نوى الثلاثة بعد لأنه كلية الطلاق فهو كالواحد بالجنس أو النوع ، ولو نوى طلقتين ، فالأغوص ما قاله أبو حنيفة ، وهو أنه لا يحتمله ، ووجه مذهب الشافعي قد تكلفناه في كتاب المبادئ والغايات ، فإن قيل : الزيادة التي هي كالمتممة لا تبعد إرادتها في اللفظ ، فلو قال : طلقت زوجتي وله أربع نسوة وقال : أردت زينب بنيتي وقع الطلاق من وقت اللفظ ، ولولا احتماله لوقع من وقت التعيين ، قلنا : الفرق أغوص ، لان قوله : زوجتي ، مشترك بين الأربع ، يصلح لكل واحدة ، فهو كإدارة إحدى المسميات بالمشترك ، أما الطلاق فموضوع لمعنى لا يتعرض للعدد ، والصوم موضوع لمعنى
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 212