نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 200
هذه أمثلة التأويل ، ولنذكر أمثلة التخصيص ، فإن العموم إن جعلنا ظاهرا في الاستغراق لم يكن في التخصيص إلا إزالة ظاهر ، فلأجل ذلك عجلنا ذكر هذا القدر ، وإلا فبيانه في القسم الرابع المرسوم لبيان العموم أليق . - مسألة ( أقسام العموم ) إعلم أن العموم عند من يرى التمسك به ينقسم إلى قوي يبعد عن قبول التخصيص إلا بدليل قاطع أو كالقاطع ، وهو الذي يحوج إلى تقدير قرينة ، حتى تنقدح إرادة الخصوص به ، وإلى ضعيف ربما يشك في ظهوره ، ويقتنع في تخصيصه ، بدليل ضعيف وإلى متوسط ، مثال القوي منه قوله ( ص ) : أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل الحديث ، وقد حمله الخصم على الأمة ، فنبا عن قبوله قوله ، فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن مهر الأمة للسيد ، فعدلوا إلى الحمل على المكاتبة ، وهذا تعسف ظاهر ، لان العموم قوي ، والمكاتبة نادرة بالإضافة إلى النساء ، وليس من كلام العرب إرادة النادر الشاذ باللفظ الذي ظهر منه قصد العموم إلا بقرينة تقترن باللفظ ، وقياس النكاح على المال وقياس الإناث على الذكور ليس قرينة مقترنة باللفظ حتى يصلح لتنزيله على صورة نادرة ، ودليل ظهور قصد التعمم بهذا اللفظ أمور : الأول : أنه صدر الكلام بأي ، وهي من كلمات الشرط ، ولم يتوقف في عموم أدوات الشرط جماعة ممن توقف في صيغ العموم الثاني : أنه أكده بما فقال : أيما وهي من المؤكدات المستقلة بإفادة العموم أيضا . الثالث : أنه قال فنكاحها باطل رتب الحكم على الشرط في معرض الجزاء ، وذلك أيضا يؤكد قصد العموم ، ونحن نعلم أن العربي الفصيح لو اقتراح عليه بأن يأتي بصيغة عامة دالة على قصد العموم مع الفصاحة والجزالة لم تسمح قريحته بأبلغ من هذه الصيغة ، ونحن نعلم قطعا أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفهموا من هذه الصيغة المكاتبة ، وأنا لو سمعنا واحدا منا يقول لغيره : أيما امرأة رأيتها اليوم فأعطها درهما ، لا يفهم منه المكاتبة ، ولو قال : أردت المكاتبة نسب إلى الإلغاز والهزء ، ولو قال : أيما أهاب دبغ فقد طهر ، ثم قال : أردت به الكلب أو الثعلب على الخصوص ، لنسب إلى اللكنة والجهل باللغة ، ثم لو أخرج الكلب أو الثعلب أو المكاتبة وقال : ما خطر ذلك ببالي لم يستنكر ، فما لا يخطر بالبال أو بالاخطار وجاز أن يشذ عن ذكر اللافظ وذهنه حتى جاز إخراجه عن اللفظ ، كيف يجوز قصر اللفظ عليه ؟ بل نقول : من ذهب إلى إنكار صيغ العموم وجعلها مجملة فلا ينكر منع التخصيص إذا دلت القرائن عليه ، فالمريض إذا قال لغلامه : لا تدخل علي الناس ، فأدخل عليه جماعة من الثقلاء وزعم أني أخرجت هذا من عموم لفظ الناس فإنه ليس نصا في الاستغراق استوجب التعزيز ، فلنتخذ هذه المسألة مثالا لمنع التخصيص بالنوادر . - مسألة ( مثال عن العام القوي ) يقرب من هذا قوله عليه الصلاة والسلام : من ملك ذا رحم محرم عتق عليه إذ قبله بعض أصحاب الشافعي وخصصه بالأب ، وهذا بعيد ، لان الأب يختص بخاصية تتقاضى تلك الخاصية التنصيص عليه فيما يوجب الاحترام والعدول عن لفظه الخاص إلى لفظ يعم قريب من الألغاز والالباس ، ولا يليق بمنصب الشارع عليه السلام إلا إذا اقترن به قرينة معرفة ، ولا سبيل إلى وضع القرائن من غير ضرورة ، وليس قياس الشافعي في تخصيص
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 200