نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 198
- مسألة ( التأويل في حديث غيلان الثقفي ) من تأويلاتهم في هذه المسألة أن الواقعة ربما وقعت في ابتداء الاسلام قبل الحصر في عدد النساء ، فكان على وفق الشرع ، وإنما الباطل من أنكحة الكفار ما يخالف الشرع ، كما لو جمع في صفقة واحدة بين عشر بعد نزول الحصر ، فنقول : إذا سلم هذا أمكن القياس عليه ، لان قياسهم يقتضي اندفاع جميع هذه الأنكحة ، كما لو نكح أجنبيتين ثم حدث بينهما أخوة برضاع اندفاع النكاح ولم يتخير ، ومع هذا فنقول هذا بناء تأويل على احتمال من غير نقل ، ولم يثبت عندنا رفع حجر في ابتداء الاسلام ، ويشهد له أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة زيادة على أربعة ، وهم الناكحون ، ولو كان جائزا لفارقوا عند نزول الحصر ولأوشك أن ينقل ذلك ، وقوله تعالى : * ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ) * ( النساء : 23 ) أراد به زمان الجاهلية ، هذا ما ورد في التفسير ، فإن قيل : فلو صح رفع حجر في الابتداء ، هل كان هذا الاحتمال مقبولا ؟ قلنا : قال بعض أصحابنا الأصوليين : لا يقبل ، لان الحديث استقل حجة ، فلا يدفع بمجرد الاحتمال ، ما لم ينقل وقوع نكاح غيلان قبل نزول الحجر ، وهذا ضعيف ، لان الحديث لا يستقل حجة ما لم ينقل تأخر نكاحه عن نزول الحصر لأنه إن تقدم فليس بحجة وإن تأخر فهو حجة ، فليس أحد الاحتمالين أولى من الآخر ، ولا تقوم الحجة باحتمال يعارضه غيره . - مسألة ( هل يرفع التأويل النص ؟ ) قال بعض الأصوليين كل تأويل يرفع النص أو شيئا منه فهو باطل ، ومثاله تأويل أبي حنيفة في مسألة الابدال حيث قال عليه الصلاة والسلام في أربعين شاة شاة فقال أبو حنيفة ، الشاة غير واجبة ، وإنما الواجب مقدار قيمتها من أي مال كان ، قال : فهذا باطل لان اللفظ نص في وجوب شاة ، وهذا رفع وجوب الشاة ، فيكون رفعا للنص ، فإن قوله : ( وآتوا الزكاة ) * ( النساء : 77 ) للايجاب ، وقوله عليه السلام : في أربعين شاة شاة بيان للواجب وإسقاط وجوب الشاة رفع للنص ، وهذا غير مرضي عندنا ، فإن وجوب الشاة إنما يسقط بتجويز الترك مطلقا ، فأما إذا لم يجز تركها إلا ببدل يقوم مقامها فلا تخرج الشاة عن كونها واجبة ، فإن من أدى خصلة من خصال الكفارة المخير فيها فقد أدى واجبها ، وإن كان الوجوب يتأدى بخصلة أخرى ، فهذا توسيع للوجوب واللفظ نعى في أصل الوجوب لا في تعيينه وتصنيفه ولعله ظاهر في التعيين محتمل للتوسيع والتخيير ، وهو كقوله : وليستنج بثلاثة أحجار فإن إقامة المدر مقامه لا يبطل وجوب الاستنجاء ، لكن الحجر يجوز أن يتعين ويجوز أن يتخير بينه وبين ما في معناه ، نعم إنما ينكر الشافعي هذا التأويل لا من حيث أنه نص لا يحتمل لكن من وجهين : أحدهما : أن دليل الخصم أن المقصود سد الخلة ، ومسلم أن سد الخلة مقصود ، لكن غير مسلم أنه كل المقصود ، فلعله قصد مع ذلك التعبد بإشراك الفقير في جنس مال الغني فالجمع بين الظاهر وبين التعبد ومقصود سد الخلة أغلب على الظن في العبادات ، لان العبادات مبناها على الاحتياط ، من تجريد النظر إلى مجرد سد الخلة . الثاني : أن التعليل بسد الخلة مستنبط من قوله : في أربعين شاة شاة وهو استنباط يعود على أصل النص بالابطال ، أو على الظاهر بالرفع ، وظاهره وجوب الشاة على التعيين ، فإبراز معنى لا يوافق الحكم السابق إلى الفهم من اللفظ لا معنى له ، لان العلة ما يوافق الحكم ، والحكم لا
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 198