نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 196
يتعلق طرف منه بطريق التخصيص ، وسيأتي في القسم الرابع ، وطرف يتعلق بما تعم به البلوى ، وقد ذكرناه في كتاب الاخبار . القسم الثاني من الفن الأول في الظاهر والمؤول إعلم أنا بينا أن اللفظ الدال الذي ليس بمجمل إما أن يكون نصا وإما أن يكون ظاهرا ، والنص هو الذي لا يحتمل التأويل ، والظاهر هو الذي يحتمله ، فهذا القدر قد عرفته على الجملة ، وبقي عليك الآن أن تعرف الاختلاف في إطلاق لفظ النص ، وأن تعرف حده وحد الظاهر ، وشرط التأويل المقبول ، فنقول : النص اسم مشترك يطلق في تعارف العلماء على ثلاثة أوجه : الأول : ما أطلقه الشافعي رحمه الله ، فإنه سمى الظاهر نصا ، وهو منطبق على اللغة ، ولا مانع منه في الشرع ، والنص في اللغة بمعنى الظهور ، تقول العرب : نصت الظبية رأسها إذا رفعته وأظهرته ، وسمي الكرسي منصة إذ تظهر عليه العروس ، وفي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد فرجة نص ، فعلى هذا حده حد الظاهر هو اللفظ الذي يغلب على الظن فهم معنى منه من غير قطع ، فهو بالإضافة إلى ذلك المعنى الغالب ظاهر ونص . الثاني : وهو الأشهر ، ما لا يتطرق إليه احتمال أصلا ، لا على قرب ولا على بعد ، كالخمسة مثلا ، فإنه نص في معناه لا يحتمل الستة ولا الأربعة وسائر الاعداد ، ولفظ الفرس لا يحتمل الحمار والبعير وغيره ، فكل ما كانت دلالته على معناه في هذه الدرجة سمي بالإضافة إلى معناه نصا في طرفي الاثبات والنفي ، أعني في إثبات المسمى ونفي ما لا ينطلق عليه الاسم ، فعلى هذا حده اللفظ الذي يفهم منه على القطع معنى ، فهو بالإضافة إلى معناه المقطوع به نص ، ويجوز أن يكون اللفظ الواحد نصا ظاهرا مجملا ، لكن بالإضافة إلى ثلاثة معان لا إلى معنى واحد . الثالث : التعبير بالنص عما لا يتطرق إليه احتمال مقبول يعضده دليل ، أما الاحتمال الذي لا يعضده دليل فلا يخرج اللفظ عن كونه نصا ، فكان شرط النص بالوضع الثاني أن لا يتطرق إليه احتمال أصلا ، وبالوضع الثالث أن لا يتطرق إليه احتمال مخصوص ، وهو المعتضد بدليل ، ولا حجر في إطلاق اسم النص على هذه المعاني الثلاثة ، لكن الاطلاق الثاني أوجه وأشهر ، وعن الاشتباه بالظاهر أبعد ، هذا هو القول في النص والظاهر . أما القول في التأويل فيستدعي تمهيد أصل وضرب أمثلة : أما التمهيد : فهو أن التأويل عبارة عن احتمال يعضده دليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي يدل عليه الظاهر ، ويشبه أن يكون كل تأويل صرفا للفظ عن الحقيقة إلى المجاز ، وكذلك تخصيص العموم يرد اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز ، فإنه إن ثبت أن وضعه وحقيقته للاستغراق فهو مجاز في الاقتصار على البعض ، فكأنه رد له إلى المجاز ، إلا أن الاحتمال تارة يقرب وتارة يبعد ، فإن قرب كفى في إثباته دليل قريب ، وإن لم يكن بالغا في القوة ، وإن كان بعيدا افتقر إلى دليل قوي يجبر بعده حتى يكون ركوب ذلك الاحتمال البعيد أغلب على الظن من مخالفة ذلك الدليل ، وقد يكون ذلك الدليل قرينة وقد يكون قياسا ، وقد يكون ظاهرا آخر أقوى منه ، ورب تأويل لا ينقدح إلا بتقدير قرينة وإن لم تنقل القرينة ، كقوله عليه السلام : إنما الربا في النسيئة فإنه يحمل على مختلفي الجنس ، ولا ينقدح هذا التخصيص إلا بتقدير واقعة وسؤال عن مختلفي الجنس ولكن يجوز تقدير
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 196