نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 187
القسم الأول من الفن الأول من مقاصد القطب الثالث في المجمل والمبين اعلم أن اللفظ إما أن يتعين معناه بحيث لا يحتمل غيره فيسمى مبينا ونصا ، وإما أن يتردد بين معنيين فصاعدا من غير ترجيح ، فيسمى مجملا ، وإما أن يظهر في أحدهما ولا يظهر في الثاني فيسمى ظاهرا ، والمجمل هو اللفظ الصالح لاحد معنيين الذي لا يتعين معناه لا بوضع اللغة ولا بعرف الاستعمال وينكشف ذلك بمسائل . مسألة ( كيفية معرفة المجمل قوله تعالى : * ( حرمت عليكم أمهاتكم ) * ( النساء : 32 ) و : * ( حرمت عليكم الميتة ) * ( المائدة : 3 ) ليس بمجمل ، وقال قوم من القدرية : هو مجمل لان الأعيان لا تتصف بالتحريم ، وإنما يحرم فعل ما يتعلق بالعين وليس يدري ما ذلك الفعل ، فيحرم من الميتة مسها أو أكلها أو النظر إليها أو بيعها والانتفاع بها فهو مجمل ، والام يحرم منها النظر أو المضاجعة أو الوطئ ، فلا يدري أيه ، ولا بد من تقدير فعل وتلك الأفعال كثيرة وليس بعضها أولى من بعض ، وهذا فاسد إذ عرف الاستعمال كالوضع ، ولذلك قسمنا الأسماء إلى عرفية ووضعية ، وقدمنا بيانها ، ومن أنس بتعارف أهل اللغة واطلع على عرفهم علم أنهم لا يستريبون في أن من قال : حرمت عليك الطعام والشراب أنه يريد الاكل دون النظر والمس ، وإذا قال : حرمت عليك هذا الثوب أنه يريد اللبس ، وإذا قال حرمت عليك النساء أنه يريد الوقاع ، وهذا صريح عندهم مقطوع به فكيف يكون مجملا والصريح تارة يكون بعرف الاستعمال وتارة بالوضع ، وكل ذلك واحد في نفي الاجمال ، وقال قوم : هو من قبيل المحذوف كقوله تعالى : * ( واسأل القرية ) * أي أهل القرية ( يوسف : 28 ) وكذلك قوله تعالى : * ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) * أي أكل البهيمة * ( أحل لكم صيد البحر ) * ( المائدة : 69 ) وهذا إن أراد به إلحاقه بالمجمل ، فهو خطأ ، وإن أراد به حصول الفهم به مع كونه محذوفا فهو صحيح ، وإن أراد به إلحاقه بالمجاز فيلزمه تسمية الأسماء العربية مجازا . - مسألة ( رفع الخطأ والنسيان ) قوله ( ص ) : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان يقتضي بالوضع نفي نفس الخطأ والنسيان وليس كذلك ، وكلامه ( ص ) يجل عن الخلف ، فالمراد به رفع حكمه لا على الاطلاق ، بل الحكم الذي عرف بعرف الاستعمال قبل ورود الشرع إرادته بهذا اللفظ ، فقد كان يفهم قبل الشرع من قول القائل لغيره : رفعت عنك الخطأ والنسيان ، إذ يفهم منه رفع حكمه لا على الاطلاق ، وهو المؤاخذة بالذم والعقوبة فكذلك قول رسول الله ( ص ) نص صريح فيه ، وليس بعام في جميع أحكامه من الضمان ولزوم القضاء وغيره ، ولا هو مجمل بين المؤاخذة التي ترجع إلى الذم ناجزا أو إلى العقاب آجلا وبين الغرم والقضاء ، لأنه لا صيغة لعمومه حتى يجعل عاما في كل حكم ، كما لم يجعل قوله تعالى : * ( حرمت عليكم أمهاتكم ) * ( النساء : 32 ) عاما في كل فعل ، مع أنه لا بد من إضمار فعل ، فالحكم هاهنا لا بد من إضماره لإضافة الرفع إليه ، كالفعل ، ثم ينزل على ما يقتضيه عرف الاستعمال ، وهو الذم ، والعقاب هاهنا والوطئ ، ثم فإن قيل : فالضمان أيضا عقاب ، فليرتفع ؟ قلنا : الضمان قد يجب امتحانا ليثاب عليه ، لا للانتقام ، ولذلك يجب على الصبي والمجنون ، وعلى العاقلة بسبب الغير ، ويجب حيث يجب الاتلاف ، كالمضطر في
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 187