نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 186
العموم والامر يتعين تعريف الامر والاستغراق بالقرائن ، فإن قوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين ) ( التوبة : 5 ) وإن أكده بقوله : كلهم وجميعهم فيحتمل الخصوص عندهم تقوله تعالى : ( ولله ) * ( الأحقاف : 52 ) * ( ( 27 ) وأوتيت من كل شئ ) ( النمل : 32 ) فإنه أريد به البعض ، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى . الفصل السابع : في الحقيقة والمجاز اعلم أن اسم الحقيقة مشترك ، إذ قد يراد به ذات الشئ وحده ويراد به حقيقة الكلام ، ولكن إذا استعمل في الألفاظ أريد به ما استعمل في موضوعه . والمجاز ما استعمله العرب في غير موضوعه وهو ثلاثة أنواع ، الأول : ما أستعير للشئ بسببه المشابهة في خاصية مشهورة ، كقولهم للشجاع : أسد وللبليد : حمار ، فلو سمي الأبخر أسدا لم يجز ، لان البخر ليس مشهورا في حق الأسد . الثاني : الزيادة كقوله تعالى : * ( ليس كمثله شئ ) * ( الشورى : 11 ) فإن الكاف وضعت للإفادة ، فإذا استعملت على وجه لا يفيد كان على خلاف الوضع . الثالث : النقصان الذي لا يبطل التفهيم ، كقوله عز وجل : * ( واسأل القرية ) * ( يوسف : 28 ) والمعنى : واسأل أهل القرية ، وهذا النقصان اعتادته العرب فهو توسع وتجوز ، وقد يعرف المجاز بإحدى علامات أربع : الأولى : أن الحقيقة جارية على العموم في نظائره ، إذ قولنا : عالم لما عني به ذو علم صدق على كل ذي علم ، وقوله : * ( واسئل القرية ) * يصح في بعض الجمادات لإرادة صاحب القرية ، ولا يقال : سل البساط والكوز ، وإن كان قد يقال : سل الطلل والربع ، لقربه من المجاز المستعمل . الثانية : أن يعرف بامتناع الاشتقاق عليه ، إذ الامر إذا استعمل في حقيقته اشتق منه اسم الآمر وإذا استعمل في الشأن مجازا لم يشتق منه آمر ، والشأن هو المراد بقوله تعالى : * ( وما أمر فرعون برشيد ) * ( هود : 79 ) وبقوله تعالى : * ( إذا جاء أمرنا ) * ( هود : 04 ) . الثالثة : أن تختلف صيغة الجمع على الاسم ، فيعلم أنه مجاز في أحدهما ، إذ الامر الحقيقي يجمع على أوامر ، وإذا أريد به الشأن يجمع على أمور . الرابعة : أن الحقيقي إذا كان له تعلق بالغير ، فإذا استعمل فيما لا تعلق له به لم يكن له متعلق كالقدرة إذا أريد بها الصفة ، كان لها مقدور ، وإن أريد بها المقدور كالنبات الحسن العجيب ، إذ يقال : انظر إلى قدرة الله تعالى : أي إلى عجائب مقدوراته لم يكن له متعلق ، إذ النبات لا مقدور له . واعلم أن كل مجاز فله حقيقة ، وليس من ضرورة كل حقيقة أن يكون لها مجاز ، بل ضربان من الأسماء لا يدخلهما المجاز ، الأول : أسماء الاعلام ، نحو : زيد وعمرو ، لأنها أسام وضعت للفرق بين الذوات لا للفرق في الصفات ، نعم الموضوع للصفات قد يجعل علما فيكون مجازا ، كالأسود بن الحرث إذ لا يراد به الدلالة على الصفة مع أنه وضع له فهو مجاز ، أما إذا قال : قرأت المزني وسيبويه وهو يريد كتابيهما فليس ذلك ، إلا كقوله تعالى : * ( واسأل القرية ) * ( يوسف : 28 ) فهو على طريق حذف اسم الكتاب ، معناه : قرأت كتاب المزني ، فيكون في الكلام مجاز بالمعنى الثالث المذكور للمجاز . الثاني : الأسماء التي لا أعم منها ولا أبعد ، كالمعلوم والمجهول ، والمدلول والمذكور ، إذ لا شئ إلا وهو حقيقة فيه فكيف يكون مجازا عن شئ . هذا تمام المقدمة ، ولنشتغل بالمقاصد ، وهي كيفية اقتباس الاحكام من الصيغ والألفاظ المنطوق بها وهي أربعة أقسام .
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 186