responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 185


وثورا ، إذا أراد شجاعا وبليدا ، فإنه لا يستقل بالدلالة على مقصوده إلا بقرينة ، وأما الذي يستقل من وجه دون وجه ، فكقوله تعالى : * ( وآتوا حقه يوم حصاده ) * ( الانعام : 141 ) وكقوله تعالى :
* ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) * ( التوبة : 92 ) ( التوبة : 92 ) فإن الايتاء ويوم الحصاد معلوم ، ومقدار ما يؤتى غير معلوم ، والقتال وأهل الكتاب معلوم ، وقدر الجزية مجهول ، فخرج من هذا أن اللفظ المفيد بالإضافة إلى مدلوله ، إما أن لا يتطرق إليه احتمال فيسمى نصا ، أو يتعارض فيه الاحتمالات من غير ترجيح ، فيسمى مجملا ومبهما ، أو يترجح أحد احتمالاته على الآخر فيسمى بالإضافة إلى الاحتمال الأرجح ظاهرا ، وبالإضافة إلى الاحتمال البعيد مؤولا ، فاللفظ المفيد إذا ما نص أو ظاهر أو مجمل .
الفصل السادس في طريق فهم المراد من الخطاب اعلم أن الكلام إما أن يسمعه نبي أو ملك من الله تعالى ، أو يسمعه نبي أو ولي من ملك ، أو تسمعه الأمة من النبي ، فإن سمعه ملك أو نبي من الله تعالى فلا يكون حرفا ولا صوتا ولا لغة موضوعة حتى يعرف معناه بسبب تقدم المعرفة بالمواضعة ، لكن يعرف المراد منه بأن يخلق الله تعالى في السامع علما ضروريا بثلاثة أمور : بالمتكلم وبأن ما سمعه من كلامه ، وبمراده من كلامه ، فهذه ثلاثة أمور ، لا بد وأن تكون معلومة ، والقدرة الأزلية ليست قاصرة عن اضطرار الملك والنبي إلى العلم بذلك ، ولا متكلم إلا وهو محتاج إلى نصب علامة لتعريف ما في ضميره ، إلا الله تعالى ، فإنه قادر على اختراع علم ضروري به من غير نصب علامة ، وكما أن كلامه ليس من جنس كلام البشر ، فسمعه الذي يخلقه لعبده ليس من جنس سمع الأصوات ، ولذلك يعسر علينا تفهم كيفية سماع موسى كلام الله تعالى الذي ليس بحرف ولا صوت ، كما يعسر على الأكمة تفهم كيفية إدراك البصير للألوان والاشكال ، أما سماع النبي من الملك فيحتمل أن يكون بحرف وصوت دال على معنى كلام الله ، فيكون المسموع الأصوات الحادثة ، التي هي فعل الملك دون نفس الكلام ، ولا يكون هذا إسماعا لكلام الله بغير واسطة ، وإن كان يطلق عليه اسم سماع كلام الله تعالى ، كما يقال : فلان سمع شعر المتنبي وكلامه ، وإن سمعه من غيره وسمع صوت غيره ، وكما قال تعالى : * ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) * ( التوبة : 6 ) وكذلك سماع الأمة من الرسول ( ص ) كسماع الرسول من الملك ، ويكون طريق فهم المراد تقدم المعرفة بوضع اللغة التي بها المخاطبة ، ثم إن كان نصا لا يحتمل كفى معرفة اللغة وإن تطرق إليه الاحتمال فلا يعرف المراد منه حقيقة إلا بانضمام قرينة إلى اللفظ ، والقرينة إما لفظ مكشوف ، كقوله تعالى : * ( وآتوا حقه يوم حصاده ) * ( الانعام :
141 ) والحق هو العشر ، وإما إحالة على دليل العقل ، كقوله تعالى : * ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) * ( الزمر : 76 ) وقوله عليه السلام : قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن .
وإما قرائن أحوال من إشارات ورموز وحركات وسوابق ولواحق لا تدخل تحت الحصر والتخمين يختص بدركها المشاهد لها ، فينقلها المشاهدون من الصحابة إلى التابعين بألفاظ صريحة ، أو مع قرائن من ذلك الجنس أو من جنس آخر ، حتى توجب علما ضروريا بفهم المراد ، أو توجب ظنا ، وكل ما ليس عبارة موضوعة في اللغة فتتعين فيه القرائن ، وعند منكري صيغة

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست