نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 173
عليه وسلم مع معرفته به وتقريره عليه ، لأجل المشقة في تقدير الماء المشروب والمصبوب في الحمام وتقدير مدة المقام والمشقة سبب الرخصة . الثاني : أن نقول شرب الماء بتسليم السقاء مباح ، وإذا أتلف ماءه فعليه ثمن المثل ، إذ قرينة حاله تدل على طلب العوض فيما بذله في الغالب ، وما يبذل له في الغالب يكون ثمن المثل فيقبله السقاء ، فإن منع فعليه مطالبته ، فليس في هذا إلا الاكتفاء في معرفة الإباحة بالمعاطاة والقرينة ، وترك المماسكة في العوض ، وهذا مدلول عليه من الشرع ، وكذلك داخل الحمام مستبيح بالقرينة ، ومتلف بشرط العوض بقرينة حال الحمامي ، ثم ما يبذله إن ارتضى به الحمامي واكتفى به عوضا أخذه وإلا طالبه بالمزيد إن شاء ، فليس هذا أمرا مبدعا ولكنه منقاس والقياس حجة . التأويل الثاني : للاستحسان قولهم المراد به دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعده العبارة عنه ، ولا يقدر على إبرازه وإظهاره ، وهذا هوس ، لان ما لا يقدر على التعبير عنه لا يدري أنه وهم وخيال أو تحقيق ، ولا بد من ظهوره ليعتبر بأدلة الشريعة لتصححه الأدلة أو تزيفه ، أما الحكم بما لا يدري ما هو فمن أين يعلم جوازه ، أبضرورة العقل أو نظره أو بسمع متواتر أو آحاد ، ولا وجه لدعوى شئ من ذلك ، كيف وقد قال أبو حنيفة : إذا شهد أربعة على زنا شخص لكن عين كل واحد منهم زاوية من زوايا البيت وقال : زنى فيها ، فالقياس أن لا حد عليه ، لكنا نستحسن حده ، فيقول له ، لم يستحسن سفك دم مسلم من غير حجة إذ لم تجتمع شهادة الأربعة على زنا واحد ، وغايته أن يقول : تكذيب المسلمين قبيح ، وتصديقهم وهم عدول حسن ، فنصدقهم ونقدر دورانه في زنية واحدة على جميع الزوايا ، بخلاف ما لو شهدوا في أربعة بيوت ، فإن تقدير التزاحف بعيد ، وهذا هوس ، لأنا نصدقهم ولا نرجم المشهود عليه ، كما لو شهد ثلاثة ، وكما لو شهدوا في دور وندرأ الرجم من حيث لم نعلم يقينا اجتماع الأربعة على شهادة واحدة فدرء الحد بالشبهة أحسن ، كيف وإن كان هذا دليلا ، فلا ننكر الحكم بالدليل ، ولكن لا ينبغي أن يسمى بعض الأدلة استحسانا . التأويل الثالث : للاستحسان ، ذكره الكرخي وبعض أصحاب أبي حنيفة ممن عجز عن نصرة الاستحسان ، وقال : ليس هو عبارة عن قول بغير دليل ، بل هو بدليل ، وهو أجناس ، منها : العدول بحكم المسألة عن نظائرها بدليل خاص من القرآن ، مثل قوله : مالي صدقة ، أو لله علي أن أتصدق بمالي ، فالقياس لزوم التصدق بكل ما يسمى مالا ، لكن استحسن أبو حنيفة التخصيص بمال الزكاة ، لقوله تعالى : * ( خذ من أموالهم صدقة ) * ( التوبة : 301 ) ولم يرد إلا مال الزكاة . ومنها : أن يعدل بها عن نظائرها بدليل السنة ، كالفرق في سبق الحدث والبناء على الصلاة بين السبق والتعمد على خلاف قياس الاحداث وهذا مما لا ينكر ، وإنما يرجع الاستنكار إلى اللفظ ، وتخصيص هذا النوع من الدليل بتسميته استحسانا من بين سائر الأدلة ، والله أعلم . الأصل الرابع : من الأصول الموهومة الاستصلاح وقد اختلف العلماء في جواز اتباع المصلحة المرسلة ، ولا بد من كشف معنى المصلحة وأقسامها فنقول : المصلحة بالإضافة إلى شهادة الشرع ثلاثة أقسام : قسم شهد الشرع لاعتبارها ، وقسم شهد لبطلانها ، وقسم لم يشهد الشرع لا لبطلانها ولا لاعتبارها . أما ما شهد الشرع لاعتبارها : فهي حجة ،
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 173