responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 171


توقيف ، إذ لا مجال للقياس فيه ، وهذا غير مرضي ، لأنه لم ينقل فيه حديثا حتى يتأمل لفظه ومورده وقرائنه ، وفحواه وما يدل عليه ، ولم نتعبد إلا بقبول خبر يرويه صحابي مكشوفا يمكن النظر فيه ، كما كان الصحابة يكتفون بذكر مذهب مخالف للقياس ويقدرون ذلك حديثا من غير تصريح به ، وقد نص في موضع أن قول الصحابي إذا انتشر ولم يخالف فهو حجة ، وهو ضعيف ، لان السكوت ليس بقول ، فأي فرق بين أن ينتشر أو لا ينتشر ؟ وقد نص على أنه إذا اختلفت الصحابة فالأئمة أولى ، فإن اختلف الأئمة فقول أبي بكر وعمر أولى لمزيد فضلهما ، وقال في موضع آخر : يجب الترجيح بقول الأعلم والأكثر قياسا لكثرة القائلين على كثرة الرواة وكثرة الأشباه ، وإنما يجب ترجيح الأعلم ، لان زيادة علمه تقوي اجتهاده وتبعده عن الاهمال والتقصير والخطأ وإن اختلف الحكم والفتوى من الصحابة فقد اختلف قول الشافعي فيه ، فقال مرة : الحكم أولى ، لان العناية به أشد ، والمشورة فيه أبلغ ، وقال مرة :
الفتوى أولى ، لان سكوتهم على الحكم يحمل على الطاعة للوالي ، وكل هذا مرجوع عنه :
فإن قيل : فما قولكم في ترجيح أحد القياسين بقول الصحابي ؟ قلنا : قال القاضي ، لا ترجيح إلا بقوة الدليل ، ولا يقوى الدليل بمصير مجتهد إليه ، والمختار أن هذا في محل الاجتهاد ، فربما يتعارض ظنان والصحابي في أحد الجانبين ، فتميل نفس المجتهد إلى موافقة الصحابي ، ويكون ذلك أغلب على ظنه ، ويختلف ذلك باختلاف المجتهدين ، وقال قوم : إنما يجوز ترجيح قياس المصير إذا كان أصل القياس في واقعة شاهدها الصحابي ، وإلا فلا فرق بينه وبين غيره وهذا قريب ، ولكن مع هذا يحتمل أن يكون مصيره إليه لا لاختصاصه بمشاهدة ما يدل عليه بل بمجرد الظن ، أما إذا حمل الصحابي لفظ الخبر على أحد محتمليه فمنهم من رجح ومنهم من قال : إذا لم يقل : علمت ذلك من لفظ الرسول ( ص ) بقرينة شاهدتها فلا ترجيح به ، وهذا اختيار القاضي ، فإن قيل : فقد ترك الشافعي في الجديد القياس في تغليظ الدية في الحرم بقول عثمان ، وكذلك فرق بين الحيوان وغيره في شرط البراءة بقول علي ؟ قلنا له : في مسألة شرط البراءة أقوال ، فلعل هذا مرجوع عنه ، وفي مسألة التغليظ الظن به أنه قوي القياس بموافقة الصحابة ، فإن لم يكن كذلك فمذهبه في الأصول أن لا يقلد ، والله أعلم .
الأصل الثالث : من الأصول الموهومة الاستحسان وقد قال به أبو حنيفة ، وقال الشافعي : من استحسن فقد شرع ورد الشئ قبل فهمه محال ، فلا بد أولا من فهم الاستحسان ، وله ثلاثة معان : الأول : وهو الذي يسبق إلى الفهم ما يستحسنه المجتهد بعقله ، ولا شك في أنا نجوز ورود التعبد باتباعه عقلا ، بل لو ورد الشرع بأن ما سبق إلى أوهامكم أو استحسنتموه بعقولكم أو سبق إلى أوهام العوام مثلا فهو حكم الله عليكم لجوزناه ، ولكن وقوع التعبد لا يعرف من ضرورة العقل ونظره ، بل من السمع ، ولم يرد فيه سمع متواتر ولا نقل آحاد ، ولو ورد لكان لا يثبت بخبر الواحد ، فإن جعل الاستحسان مدركا من مدارك أحكام الله تعالى ينزل منزلة الكتاب والسنة والاجماع ، وأصلا من الأصول لا يثبت بخبر الواحد ، ومهما انتفى الدليل وجب النفي . المسلك الثاني : أنا نعلم قطعا إجماع الأمة قبلهم ،

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست