نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 139
الضلالة وسألت الله تعالى أن لا يجمع أمتي على الضلالة فأعطانيها ومن سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ، وإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد وقوله ( ص ) : يد الله مع الجماعة ، ولا يبالي الله بشذوذ من شذ ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم وروي : لا يضرهم خلاف من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء ومن خرج عن الجماعة أو فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه ، ومن فارق الجماعة ومات فميتته جاهلية . وهذه الأخبار لم تزل ظاهرة في الصحابة والتابعين إلى زماننا هذا ، لم يدفعها أحد من أهل النقل من سلف الأمة وخلفها ، بل هي مقبولة من موافقي الأمة ومخالفيها ، ولم تزل الأمة تحتج بها في أصول الدين وفروعه ، فإن قيل : فما وجه الحجة ودعوى التواتر في آحاد هذه الأخبار غير ممكن ونقل الآحاد لا يفيد العلم ، قلنا في تقرير وجه الحجة طريقان : أحدهما : أن ندعي العلم الضروري بأن رسول الله ( ص ) قد عظم شأن هذه الأمة ، وأخبر عن عصمتها عن الخطأ ، بمجموع هذه الأخبار المتفرقة ، وإن لم تتواتر آحادها ، وبمثل ذلك نجد أنفسنا مضطرين إلى العلم بشجاعة علي ، وسخاوة حاتم ، وفقه الشافعي وخطابة الحجاج ، وميل رسول الله ( ص ) إلى عائشة من نسائه ، وتعظيمه صحابته وثنائه عليهم ، وإن لم تكن آحاد الاخبار فيها متواترة ، بل يجوز الكذب على كل واحد منها لو جردنا النظر إليه ، ولا يجوز على المجموع ، وذلك يشبه ما يعلم من مجموع قرائن آحادها لا ينفك عن الاحتمال ، ولكن ينتفي الاحتمال عن مجموعها حتى يحصل العلم الضروري . الطريق الثاني : أن لا ندعي علم الاضطرار ، بل علم الاستدلال من وجهين : الأول : أن هذه الأحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة والتابعين يتمسكون بها في إثبات الاجماع ، ولا يظهر أحد فيها خلافا وإنكارا إلى زمان النظام ، ويستحيل في مستقر العادة توافق الأمم في أعصار متكررة على التسليم لما لم تقم الحجة بصحته ، مع اختلاف الطباع ، وتفاوت الهمم والمذاهب في الرد والقبول ، ولذلك لم ينفك حكم ثبت بأخبار الآحاد عن خلاف مخالف وإبداء تردد فيه . الوجه الثاني : أن المحتجين بهذه الاخبار أثبتوا بها أصلا مقطوعا به وهو الاجماع الذي يحكم به على كتاب الله تعالى وعلى السنة المتواترة ، ويستحيل في العادة التسليم لخبر يرفع به الكتاب المقطوع به ، إلا إذا استند إلى مستند مقطوع به ، فأما رفع المقطوع بما ليس بمقطوع فليس معلوما ، حتى لا يتعجب متعجب ولا يقول قائل : كيف ترفعون الكتاب القاطع بإجماع مستند إلى خبر غير معلوم الصحة ؟ وكيف تذهل عنه جميع الأمة إلى زمان النظام فيختص بالتنبه له هذا وجه الاستدلال ؟ وللمنكرين في معارضته ثلاثة مقامات : الرد ، والتأويل ، والمعارضة : المقام الأول : في الرد . وفيه أربعة أسئلة : السؤال الأول : قولهم : لعل واحدا خالف هذه الأخبار وردها ولم ينقل إلينا ؟ قلنا : هذا أيضا تحيله العادة إذ الاجماع أعظم أصول الدين ، فلو خالف فيه مخالف لعظم الامر فيه واشتهر الخلاف ، إذ لم يندرس خلاف الصحابة في دية الجنين ومسألة الحرام وحد الشرب ، فكيف اندرس الخلاف في أصل عظيم يلزم فيه التضليل والتبديع لمن أخطأ في نفيه وإثباته ؟ وكيف اشتهر خلاف النظام مع سقوط
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 139