نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 108
الذي يفيد العلم ، وإلى زائد وهو الذي يحصل العلم ببعضه وتقع الزيادة فضلا عن الكفاية ، والكامل وهو أقل عدد يورث العلم ليس معلوما لنا ، لكنا بحصول العلم الضروري نتبين كمال العدد ، لا أنا بكمال العدد نستدل على حصول العلم ، فإذا عرفت هذا فالعدد الكامل الذي يحصل التصديق به في واقعة هل يتصور أن لا يفيد العلم في بعض الوقائع ؟ قال القاضي رحمه الله : ذلك محال ، بل كل ما يفيد العلم في واقعة يفيد في كل واقعة ، وإذا حصل العلم لشخص فلا بد وأن يحصل لكل شخص يشاركه في السماع ، ولا يتصور أن يختلف ، وهذا صحيح إن تجرد الخبر عن القرائن ، فإن العلم لا يستند إلى مجرد العدد ونسبة كثرة العدد إلى سائر الوقائع وسائر الاشخاص واحدة ، أما إذا اقترنت به قرائن تدل على التصديق فهذا يجوز أن تختلف فيه الوقائع والاشخاص ، وأنكر القاضي ذلك ولم يلتفت إلى القرائن ولم يجعل لها أثرا ، وهذا غير مرضي ، لان مجرد الاخبار يجوز أن يورث العلم عند كثرة المخبرين ، وإن لم تكن قرينة ، ومجرد القرائن أيضا قد يورث العلم وإن لم يكن فيه أخبار ، فلا يبعد أن تنضم القرائن إلى الاخبار ، فيقوم بعض القرائن مقام بعض العدد من المخبرين ، ولا ينكشف هذا إلا بمعرفة معنى القرائن وكيفية دلالتها فنقول : لا شك في أنا نعرف أمورا ليست محسوسة ، إذ نعرف من غيرنا حبه لانسان وبغضه له وخوفه منه وغضبه وخجله ، وهذه أحوال في نفس المحب والمبغض لا يتعلق الحس بها قد تدل عليها دلالات آحادها ليست قطعية بل يتطرق إليها الاحتمال ، ولكن تميل النفس بها إلى اعتقاد ضعيف . ثم الثاني والثالث يؤكد ذلك ، ول أفردت آحادها لتطرق إليها الاحتمال ، يحصل القطع باجتماعها ، كما أن قول كل واحد من عدد التواتر يتطرق إليه الاحتمال لو قدر مفردا ويحصل القطع بسبب الاجتماع ، ومثاله أنا نعرف عشق العاشق لا بقوله بل بأفعال هي أفعال المحبين ، من القيام بخدمته وبذل ماله وحضور مجالسه لمشاهدته وملازمته في تردداته وأمور من هذا الجنس ، فإن كل واحد يدل دلالة لو انفرد لاحتمل أن يكون ذلك لغرض آخر يضمره لا لحبه إياه ، لكن تنتهي كثرة هذه الدلالات إلى حد يحصل لنا علم قطعي بحبه وكذلك ببغضه ، إذا رؤيت منه أفعال ينتجها البغض ، وكذلك نعرف غضبه وخجله لا بمجرد حمرة وجهه لكن الحمرة إحدى الدلالات ، وكذلك نشهد الصبي يرتضع مرة بعد أخرى فيحصل لنا علم قطعي بوصول اللبن إلى جوفه وإن لم نشاهد اللبن في الضرع لأنه مستور ، ولا عند خروجه فإنه مستور بالفم ، ولكن حركة الصبي في الامتصاص وحركة حلقه تدل عليه دلالة ما ، مع أن ذلك قد يحصل من غير وصول اللبن ، لكن ينضم إليه أن المرأة الشابة لا يخلو ثديها عن لبن ، ولا تخلو حلمته عن ثقب ، ولا يخلو الصبي عن طبع باعث على الامتصاص مستخرج للبن ، وكل ذلك يحتمل خلافه نادرا وإن لم يكن غالبا ، لكن إذا انضم إليه سكوت الصبي عن بكائه مع أنه لم يتناول طعاما آخر صار قرينة ، ويحتمل أن يكون بكاؤه عن وجع وسكوته عن زواله ، ويحتمل أن يكون تناول شيئا آخر لم نشاهده وإن كنا نلازمه في أكثر الأوقات ، ومع هذا فاقتران هذه الدلائل كاقتران الاخبار وتواترها وكل دلالة شاهدة يتطرق إليها الاحتمال ، كقول كل مخبر على حياله ، وينشأ من الاجتماع العلم وكأن هذا مدرك سادس من مدارك العلم سوى ما
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 108