نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 104
سمعه شفاعا فأما نحن فلا يبلغنا قوله إلا على لسان المخبرين إما على سبيل التواتر وإما بطريق الآحاد ، فلذلك اشتمل الكلام في هذا الأصل على مقدمة وقسمين : قسم في أخبار التواتر ، وقسم في أخبار الآحاد ، ويشتمل كل قسم على أبواب . أما المقدمة : ففي بيان ألفاظ الصحابة رضي الله عنهم في نقل الاخبار عن رسول الله ( ص ) ، وهو على خمس مراتب : الأولى : وهي أقواها ، أن يقول الصحابي سمعت رسول الله ( ص ) يقول كذا ، أو أخبرني أو حدثني أو شافهني ، فهذا لا يتطرق إليه الاحتمال وهو الأصل في الرواية والتبليغ ، قال ( ص ) : نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها الحديث . الثانية : أن يقول : قال رسول الله ( ص ) كذا ، أخبر ، أو أخبر ، أو حدث فهذا ظاهره النقل إذا صدر من الصحابي ، وليس نصا صريحا ، إذ قد يقول الواحد منا : قال رسول الله ( ص ) ، اعتمادا على ما نقل إليه ، وإن لم يسمعه منه فلا يستحيل أن يقول الصحابي ذلك اعتمادا على ما بلغه تواترا ، أو بلغه على لسان من يثق به ، ودليل الاحتمال ما روى أبو هريرة عن رسول الله ( ص ) أنه قال : من أصبح جنبا فلا صوم له فلما استكشف قال : حدثني به الفضل بن عباس ، فأرسل الخبر أولا ولم يصرح ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله ( ص ) : إنما الربا في النسيئة فلما روجع فيه أخبر أنه سمعه من أسامة بن زيد إلا أن هذا وإن كان محتملا فهو بعيد ، بل الظاهر أن الصحابي إذا قال : قال رسول الله ( ص ) ، فما يقوله إلا وقد سمع رسول الله ( ص ) بخلاف من لم يعاصر إذا قال : قال رسول الله ( ص ) ، فإن قرينة حاله تعرف أنه لم يسمع ، ولا يوهم إطلاقه السماع ، بخلاف الصحابي فإنه إذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوهم السماع ، فلا يقدم عليه إلا عن سماع هذا هو الظاهر وجميع الأخبار إنما نقلت إلينا كذلك ، إذ يقال : قال أبو بكر : قال رسول الله ( ص ) قال عمر قال رسول الله ( ص ) ، فلا نفهم من ذلك إلا السماع . الثالثة : أن يقول الصحابي : أمر رسول الله ( ص ) بكذا أو نهى عن كذا ، فهذا يتطرق إليه احتمالان : أحدهما : في سماعه ، كما في قوله : قال . والثاني : في الامر إذ ربما يرى ما ليس بأمر أمرا ، فقد اختلف الناس في أن قوله إفعل هو للامر ، فلأجل هذا قال بعض أهل الظاهر لا حجة فيه ما لم ينقل اللفظ ، والصحيح أنه لا يظن بالصحابي إطلاق ذلك إلا إذا علم تحقيقا أنه أمر بذلك ، وأن يسمعه يقول : أمرتكم بكذا ، أو يقول : إفعلوا ، وينضم إليه من القرائن ما يعرفه كونه أمرا ويدرك ضرورة قصده إلى الامر ، أما احتمال بنائه الامر على الغلط والوهم فلا نطرقه إلى الصحابة بغير ضرورة ، بل يحمل ظاهر قولهم وفعلهم على السلامة ما أمكن ، ولهذا لو قال : قال رسول الله ( ص ) كذا ، ولكن شرط شرطا ووقت وقتا فيلزمنا اتباعه ، ولا يجوز أن نقول لعله غلط في فهم الشرط والتأقيت ، ورأى ما ليس بشرط شرطا ، ولهذا يجب أن يقبل قول الصحابي نسخ حكم كذا ، وإلا فلا فرق بين قوله : نسخ ، وقوله : أمر ، ولذلك قال علي رضي الله عنه وأطلق : أمرت أن أقاتل الناكثين والمارقين
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 104