وجدانا ، وليس مناط مبغوضية المعصية ، هو ترك الواقع بما هو ترك الواقع ، وإلا لتحققت المعصية فيما لو ترك الواقع نسيانا ، أو جهلا عن قصور ، مع أنه ليس كذلك ، فلا مناط في مبغوضية المعصية إلا الهتك والظلم ، المتحققين في مورد التجري حقيقة ، وليست المبغوضية في مورد التجري ناشئة عن مفسدة في ذات العمل من حيث هو ، حتى تعارض مصلحته إن كان في الواقع ذا مصلحة ، بل هي لانطباق عنواني الهتك والظلم على العمل المتجري به ، مع القطع النظر عما في ذات العمل من حيث هو ، فالمتجري هاتك وظالم بالنسبة إلى المولى ، والفعل المتجري به من حيث أنه متجري به مبغوض ، وموجب للعقاب . إن قيل استحقاق العقوبة على العمل بعنوان التجري ، ملازم لمبغوضيته لدى المولى ، وذلك ملازم لانقلاب الواقع عما هو عليه ، فيصير محبوب المولى مبغوضا له ، بمحض تخلف قطع عبده عن الواقع ، مع أن الوجدان يشهد بخلافه . قلنا ، قد أشرنا إلى أن عروض عنوان التجري لا يقلب الواقع عما هو عليه ، إذ المصلحة الواقعية قائمة بالذات ، من حيث هي ، ومع قطع النظر عن عروض عنوان التجري ، ثم انطباق نفس هذا العنوان ، من حيث هو ، مما يستقل العقل بقبحه ، فلا مضادة ، ولا انقلاب ، لاختلاف موردي المحبوبية والمبغوضية ، فالفعل المتجرى به ، من حيث أنه كذلك ، غيره من حيث ذاته ، وبحسب طبعه ، وقد يدفع الاشكال باختلاف المرتبة ، فيقال ، أن المصلحة إن كانت ، ففي مرتبة الواقع والمبغوضية ، في مرتبة الجهل بالواقع ، كما هو الشأن في كل أمارة قامت على خلاف الواقع ، ولكنه مخدوش بأنه صحيح ، لو لم تعم المصلحة حالة الجهل بالواقع أيضا ، وأما إن كانت شاملة لها ، فلا يدفع الاشكال باختلاف المرتبة ، كما لا يدفع بأن يقال ، إن ما هو مبغوض هو إضافة الفعل إلى الفاعل ، دون نفس الفعل من حيث هو ، فلا تنافي بين المبغوضية الفاعلية ، والمحبوبية الفعلية ، إذ يرد عليه ، أن ما هو مبغوض هو عنوان التجري ، وهو عبارة عن نفس الفعل المضاف ، لا إضافة الفعل ، ولو سلم ذلك ، فلا إشكال في مبغوضية نفس الفعل أيضا ، لكونه مقدمة للإضافة الحاصلة في البين ، واضعف من ذلك ، هو القول بعدم المبغوضية في الفعل المتجرى به ، وإنما يدل التجري على سوء سريرة الفاعل فقط ، وهو مردود