وعليه ، فلا يجب إحراز أهمية أحد المتزاحمين ، بل يكفي الاحتمال . وهذا أصل ينفع كثيرا في الفروع الفقهية ، فاحتفظ به . 5 - الحكومة والورود : وهذا البحث من مبتكرات الشيخ الأعظم ( رحمه الله ) وقد فتح به بابا جديدا في الأسلوب الاستدلالي ، ولئن نشأ هذا الاصطلاح في عصره من قبل غيره - كما يبدو من التعبير بالحكومة والورود في جواهر الكلام ( 1 ) - فإنه لم يكن بهذا التحديد والسعة اللذين انتهى إليهما الشيخ . وكان ( رحمه الله ) - على ما ينقل عنه - يصرح بأن أساطين الفقه المتقدمين لم يغفلوا عن مغزى ما كان يرمى إليه وإن لم يبحثوه بصريح القول ولا بهذا المصطلح . واللفتة الكريمة منه كانت في ملاحظته لنوع من الأدلة ، إذ وجد أن من حقها أن تقدم على أدلة أخرى - في حين أنها ليست بالنسبة إليها من قبيل الخاص والعام . بل قد يكون بينهما العموم من وجه - ولا يوجب هذا التقديم سقوط الأدلة الأخرى عن الحجية ، ولا تجري بينهما قواعد التعارض ، لأ أنه لم يكن بينهما تكاذب بحسب لسانهما من ناحية أدائية ولا منافاة ، يعني أن لسان أحدهما لا يكذب الآخر ولا يبطله ، بل أحدهما المعين من حقه بحسب لسانه وأدائه لمعناه وعنوانه أن يكون مقدما على الآخر تقديما لا يستلزم بطلان الآخر ولا تكذيبه ولا صرفه عن ظهوره . وهذا هو العجيب في الأمر والجديد على الباحثين ! وذلك مثل تقديم أدلة الأمارة على أدلة الأصول العملية بلا إسقاط لحجية الثانية ولا صرف لظهورها .