" حصول صورة الشئ لدى العقل " لا حصول نفس الشئ ، فالمعلوم بالذات هو الصورة ، والمعلوم بالعرض نفس الشئ الذي حصلت صورته لدى العقل . وإذا ثبت ما تقدم واتضح ما رمينا إليه : من أن متعلق التكليف أولا وبالذات هو العنوان وأن المعنون متعلق له بالعرض ، يتضح لك الحق جليا في مسألتنا ( مسألة اجتماع الأمر والنهي ) وهو : أن الحق جواز الاجتماع . ومعنى جواز الاجتماع : أنه لا مانع من أن يتعلق الإيجاب بعنوان ويتعلق التحريم بعنوان آخر ، وإذا جمع المكلف بينهما صدفة بسوء اختياره ، فإن ذلك لا يجعل الفعل الواحد المعنون لكل من العنوانين متعلقا للإيجاب والتحريم إلا بالعرض . وليس ذلك بمحال ، فإن المحال إنما هو أن يكون الشئ الواحد بذاته متعلقا للإيجاب والتحريم . وعليه ، فيصح أن يقع الفعل الواحد امتثالا للأمر من جهة باعتبار انطباق العنوان المأمور به عليه ، وعصيانا للنهي من جهة أخرى باعتبار انطباق عنوان المنهي عنه . ولا محذور في ذلك ما دام أن ذلك الفعل الواحد ليس بنفسه وبذاته يكون متعلقا للأمر وللنهي ليكون ذلك محالا ، بل العنوانان الفانيان هما المتعلقان للأمر والنهي . غاية الأمر أن تطبيق العنوان المأمور به على هذا الفعل يكون هو الداعي إلى إتيان الفعل ، ولا فرق بين فرد وفرد في انطباق العنوان عليه ، فالفرد الذي ينطبق عليه العنوان المنهي عنه كالفرد الخالي من ذلك في كون كل منهما ينطبق عليه العنوان المأمور به بلا جهة خلل في الانطباق . ولا فرق في ذلك بين أن يكون تعدد العنوان موجبا لتعدد المعنون أو لم يكن ، ما دام أن المعنون ليس هو متعلق التكليف بالذات . نعم ، لو كان العنوان مأخوذا في المأمور به والمنهي عنه على وجه