المكلف - حسب الفرض - على خلافه اتباعا للأمارة الخاطئة أو الأصل المخالف للواقع ، فهل يجب على المكلف امتثال الأمر الواقعي في الوقت أداء وفي خارج الوقت قضاء ، أو أنه لا يجب شئ عليه بل يجزئ ما أتى به على طبق الأمارة أو الأصل ويكتفي به ؟ ثم إن العمل على خلاف الواقع - كما سبق - تارة يكون بالأمارة ، واخرى بالأصل . ثم الانكشاف على نحوين : انكشاف على نحو اليقين وانكشاف بمقتضى حجة معتبرة . فهذه أربع صور . ولاختلاف البحث في هذه الصور مع اتفاق صورتين منها في الحكم - وهما صورتا الانكشاف بحجة معتبرة مع العمل على طبق الأمارة ومع العمل بمقتضى الأصل - نعقد البحث في ثلاث مسائل : 1 - الإجزاء في الأمارة مع انكشاف الخطأ يقينا إن قيام الأمارة تارة يكون في الأحكام ، كقيام الأمارة على وجوب صلاة الظهر يوم الجمعة حال الغيبة بدلا عن صلاة الجمعة . واخرى في الموضوعات ، كقيام البينة على طهارة ثوب صلى به أو ماء توضأ منه ، ثم بانت نجاسته . والمعروف عند الإمامية عدم الإجزاء مطلقا ، في الأحكام والموضوعات . أما في الأحكام : فلأجل اتفاقهم على مذهب التخطئة ، أي أن المجتهد يخطئ ويصيب ، لأن لله تعالى أحكاما ثابتة في الواقع يشترك فيها العالم والجاهل ، أي أن الجاهل مكلف بها كالعالم ، غاية الأمر أنها غير منجزة بالفعل بالنسبة إلى الجاهل القاصر ( 1 ) حين جهله ، وإنما يكون معذورا في
الجاهل القاصر من لم يتمكن من الفحص أو فحص فلم يعثر . ويقابله المقصر ، وهو بعكسه . ق والأحكام منجزة بالنسبة إلى المقصر ، لحصول العلم الإجمالي بها عنده ، والعلم منجز للأحكام وإن كان إجماليا ، فلا يكون معذورا . بل الاحتمال وحده بالنسبة إليه يكون منجزا . وسيأتي البحث عن ذلك في مباحث الحجة .