غير أن إطباقهم على القول بالإجزاء ليس مستندا إلى دعوى أن البديهية ( 1 ) العقلية تقضي به ، لأ أنه هنا يمكن تصور عدم الإجزاء بلا محذور عقلي ، أعني يمكننا أن نتصور عدم الملازمة بين الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري وبين الإجزاء به عن الأمر الواقعي الاختياري . توضيح ذلك : أنه لا إشكال في أن المأتي به في حال الاضطرار أنقص من المأمور به حال الاختيار ، والقول بالإجزاء فيه معناه كفاية الناقص عن الكامل مع فرض حصول التمكن من أداء الكامل في الوقت أو خارجه . ولا شك في أن العقل لا يرى بأسا بالأمر بالفعل ثانيا بعد زوال الضرورة ، تحصيلا للكامل الذي قد فات منه ، بل قد يلزم العقل بذلك إذا كان في الكامل مصلحة ملزمة لا يفي بها الناقص ولا يسد مسد الكامل في تحصيلها . والمقصود الذي نريد أن نقوله بصريح العبارة : إن الإتيان بالناقص ليس بالنظرة الأولى مما يقتضي عقلا الإجزاء عن الكامل . فلابد أن يكون ذهاب الفقهاء إلى الإجزاء لسر هناك : إما لوجود ملازمة بين الإتيان بالناقص وبين الإجزاء عن الكامل ، وإما لغير ذلك من الأسباب . فيجب أن نتبين ذلك ، فنقول : هناك وجوه أربعة تصلح أن تكون كلها أو بعضها مستندا للقول بالإجزاء نذكرها كلها : 1 - إنه من المعلوم أن الأحكام الواردة في حال الاضطرار واردة للتخفيف على المكلفين والتوسعة عليهم في تحصيل مصالح التكاليف الأصلية الأولية * ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) * ( 2 ) . وليس من شأن التخفيف والتوسعة أن يكلفهم ثانيا بالقضاء أو الأداء ، وإن كان الناقص لا يسد مسد الكامل في تحصيل كل مصلحته الملزمة .