فأثبته بعضهم ونفاه آخرون, وهل يجوز أن يرى في المنام ؟،
فقيل: لا، وقيل: نعم, والحق أنّه لا مانع من هذه الرؤية([547]), إنتهى كلامه.
والمعتزلة حكموا بامتناع رؤيته عقلاً, قال
بعض الأفاضل([548]): لابدَّ ـ أولاً ـ من تحرير محل النزاع
فنقول, إذا نظرنا إلى الشمس فرأيناها ثمّ غمّضنا العين, فعند التغميض نعلم الشمس
علماً تاماً, وهذه الحالة مغايرة للحالة الأولى ـ التي هي الرؤية بالضرورة([549]) ـ فإنّ الحالتين وإن اشتركتا في حصول العلم
فيهما, إلّا أنّ الحالة الأولى فيها أمرزائد وهو الرؤية, ثمّ قال: والله تعالى ليس
جسماً, ولا في جهة, ويستحيل عليه مقابلة ومواجهة, وتقليب حدقة نحوه, ومع ذلك يصحّ
أن ينكشف لعباده انكشاف القمر ليلة البدر, وأن يحصل للعبد ـ بالنسبة إليه ـ هذه
الحالة المعبرَّعنها بالرؤية([550]).
وهذا مّما تفرّد به أهل السنّة, وخالفهم في ذلك سائر الفرق, فإنَّ الكرّامية
والمجسّمة([551]) وإن جوّزوا
رؤيته, لكن بناءً على اعتقادهم كونه جسماً وفي جهة,
[547]
اُنظر: أبكار الأفكار للآمدي:1/491, القاعدة 4, الباب الأول, القسم الأول, النوع الثالث,
المسألة 2 الفصل الأول في جواز رؤية الله.
[548]
في حاشية ح: القائل هو عبد الرحمن الأيجي في كتابه المواقف.
[549]
اُنظر: المواقف للأيجي:299ـ300, الموقف الخامس في الإلهيات, المرصد الخامس, المقصد
الأول.
[551]
المُجَسِّمة: فرقة يقولون: إنّ الله جسم حقيقة, وأنّه مركّب من لحم ودم, عزّوجلّ
عن ذلك, وقالوا: صورته شاب أمرد جَعد قطط, وأنّه يُمَسّ ويُلمَس ويُعانق, وغير ذلك
من خزعبلاتهم. موسوعة الفرق والجماعات لعبد المنعم الحنفي:570ـ571.