جاء في الحديث عن المبتلين : " إذا نشرت الدواوين ، ونصبت الموازين ، لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان " 1 " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " 2 . فالصبر مطية النجاة ، وقد ذهب الصابرون المتقون بعاجل الدنيا وآجل الآخرة " تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا " 3 ، والعكس صحيح كما جاء في حديث أمير المؤمنين عليه السلام : " ان جعلت دينك تبعا لدنياك ، أهلكت دينك ودنياك وكنت في الآخرة من الخاسرين " 4 ، فما قدمت فلا تجازى إلا به ، وما أخرت فللوارثين ، ولا تخرج من دنياك إلا صفر اليدين ، قد أثقلت ظهرك بالأوزار الثقال ، التي تنوء بها كالجبال . وكتاب التمحيص هذا يكشف لك آفاقا روحية جديدة ، تزيدك إيمانا واطمئنانا ، بأن الدار الآخرة لهي الحيوان ، وقد استقى مؤلفه أخباره من عين صافية ، لا شوب فيها ولا لاغية ، إنما هي من معين الرسول صلى الله عليه وآله ، ومنهل أبناء فاطمة البتول عليهم السلام ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فأقوالهم كقلائد العقيان ، على جيد الزمان ، بل كأقراط الحسان ، تقلدتها القيان ، فتبصرنا لآليهم حقيقة الوجود ، وما يمنح الموجود ، وما أعد الله للمؤمنين الصابرين في دار الخلود ، فطوبى لمن نال من الله الرضوان ، وهرب من لهيب النيران ، بالصبر والقناعة وإطاعة الديان ، وطوبى لمن لبى دعوة ربه ، واستيقن بلقاء محمد وحزبه ، فطابت نفسه وقرت عينه بهذا الاطمئنان ، " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " 5 .