أيها الناس ، ما أنصفتم نبيكم صلى الله عليه وسلم ، حين كففتم عقايلكم في بيوتكم ، وأبرزتم عقيلته للسيوف ، ثم إنه دنا من عائشة رضي الله عنه وهي في هودجها ، فقال لها : يا أم المؤمنين ما تريدين بهذا الموقف ؟ قالت : طالبة لدم عثمان رضي الله عنه . قال : قتل الله تعالى الباغي في هذا اليوم ، والطالب للباطل بغير الحق . أيها الناس : أتعلمون أينا الممالي في قتل عثمان ، فرشقوه بالنبل ، فرجع وهو يقول : فمنك البكاء ومنك العويل ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام وقاتله عندنا من أمر أشار بقوله هذا إليها ، حيث قالت : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا [1] ! !
[1] ذكر ابن الأثير قال : وكان سبب اجتماعهم بمكة أن عائشة خرجت إليها ، وعثمان محصور ، ثم خرجت من مكة تريد المدينة ، فلما كانت بسرف لقيها رجل من أخوالها من بني ليث يقال له عبيد بن أبي سلمة ، وهو ابن أم كلاب ، فقالت له : مهيم ؟ قال : قتل عثمان وبقوا ثمانية . قالت : ثم صنعوا ماذا ؟ قال : اجتمعوا على بيعة علي . فقالت : ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك ! ردوني ردوني ! فانصرفت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما ، والله لأطلبن بدمه ! فقال لها ، ولم ؟ والله إن أول من حرفه لأنت ، ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر . قالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأول . فقال لها ابن أم كلاب : فمنك البداء ومنك الغير ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر وقد بايع الناس ذا تدرء * يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها وما * من وفى مثل من قد غدر انظر : الكامل في التاريخ 3 : 206 .