نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 389
الانتقال إلى العلوم الحقيقية بعد الفراغ من سائر العلوم
كون هذه العلوم بمنزلة الآلة للعمل
فإذا فرغ من ذلك وأراد الترقي وتكميل النفس ، فليطالع كتب الحكمة من الطبعي والرياضي والحكمة والعملية والمشتملة على تهذيب الأخلاق في النفس وما خرج عنها من ضرورات دار الفناء ، ثم ينتقل بعده إلى العلوم الحقيقية والفنون الحقية ، فإنها لباب هذه العلوم ونتيجة كل معلوم ، وبها يصل إلى درجة المقربين ويحصل على مقاعد الواصلين ، أوصلنا الله وإياكم إلى ذلك الجناب إنه كريم وهاب . هذا كله بترتيب من هو أهل لهذه العلوم ، وله استعداد لتحصيلها ، ونفس قابلة لفهمها . فأما القاصرون عن درك هذا المقام ، والممنوعون بالعوائق عن الوصول إلى هذا المرام ، فليقتصروا منها على ما يمكنهم الوصول إليه متدرجين فيه حيث ما دللنا عليه . فإن لم يكن لهم بد من الاقتصار ، فلا أقل من الاكتفاء بالعلوم الشرعية والاحكام الدينية . فإن ضاق الوقت أو ضعفت النفس عن ذلك ، فالفقه أولى من الجميع ، فبه قامت النبوات ، وانتظم أمر المعاش والمعاد ، مضيفا إليه ما يجب مراعاته من تهذيب النفس وإصلاح القلب من علم الطب النفسي ، ليترتب عليه العدالة التي بها قامت السماوات والأرض والتقوى التي هي ملاك الامر . فإذا فرغ عما خلق له من العلوم فليشتغل بالعمل الذي هو زبدة العلم وعلة الخق ، قال الله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . 1 وهذه العلوم بمنزلة الآلات القريبة أو البعيدة للعمل ، كما حققناه في الباب الأول . 2 وما أجهل وأخسر وأحمق من يتعلم صنعة لينتفع بها في أمر معاشه ، ثم يصرف عمره ، ويجعل كده في تحصيل آلاتها من غير أن يشتغل بها اشتغالا يحصل به الغرض منها . فتدبر ذلك موفقا إن شاء الله تعالى .
1 - سورة الذاريات ( 51 ) : 56 . 2 - في الأمر الثاني من القسم الأول من النوع الأول من ذلك الباب .
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 389