وذكر أنها لما فرغت من كلام أبي بكر والمهاجرين عدلت إلى مجلس الأنصار فقالت : " يا معشر البقية ، وأعضاد الملة ، وحصون الاسلام ، ما هذه الغميزة في حقي ، والسنة عن ظلامتي ، أما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " المرء يحفظ من ولده " ، سرعان ما أجدبتم فأكديتم ، وعجلان ذا إهالة ، أتقولون : مات رسول الله صلى الله عليه وآله فخطب جليل استوسع وهيه ، واستنهز فتقه ، وبعد وقته ، وأظلمت الأرض لغيبته ، واكتأبت خيرة الله لمصيبته ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، وأضيع الحريم ، اذيلت الحرمة عند مماته صلى الله عليه وآله ، وتلك والله نازلة علينا بها كتاب الله في أفنيتكم ، وفي ممساكم ومصبحكم ، يهتف في اسماعكم ولقلبه ما حلت بأنبياء الله عز وجل ورسله : * ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ) * ( 1 ) . أيها بني قيلة ! أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى منه ومسمع ، تلبسكم الدعوة ، وتثملكم الحيرة ، وفيكم العدد والعدة ، ولكم الدار ، وعندكم الجنن ، وأنتم الأولى نخبة الله التي انتخب لدينه ، وأنصار رسوله ، وأهل الاسلام والخيرة التي اختار لنا أهل البيت ، فباديتم العرب وناهضتم الأمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح نأمركم حتى دارت لكم بنا رحى الاسلام ، ودر حلب الأنام ، وخضعت نعرة الشرك ، وبأخت نيران الحرب ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين . فأنى حرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الاقدام ، وأسررتم بعد الاعلان ، لقوم نكثوا ايمانهم أتخشونهم * ( فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ) * ( 2 ) ، إلا قد أرى قد أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ،