صلى الله عليه وآله خفا فخرج ، فلما سمع أبو بكر حركته تأخر ، فجذب رسول الله صلى الله عليه وآله ثوبه فأقامه مكانه ، وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأ حيث انتهى أبو بكر . قلت : عندي في هذه الواقعة تأمل ، ويعترضني فيها شكوك واشتباه ، إذا كان أراد أن يبعث علي ليوصي إليه فنفست عائشة عليه فسألت أن يحضروا أباها ، ونفست حفصة عليه فسألت أن يحضروا أباها ، ثم حضرا ولم يطلبا ، فلا شبهة ان ابنتيهما طلبتاهما . هذا هو الظاهر . وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وقد اجتمعوا كلهم عنده : " انصرفوا ، فإن كان لي حاجة بعثت إليكم " قول من عنده ضجر وغضب باطني لحضورهما وتهمة للنساء في استدعائهما ، فكيف يطابق هذا الفعل وهذا القول ما روي من أن عائشة قالت لما عين على أبيها في الصلاة : إن أبي رجل رقيق فمر عمر ، وأين ذلك الحرص من هذا الاستعفاء ( 1 ) . انتهى . وروى البخاري في صحيحه خبر صلاة أبي بكر في مواضع متعددة باختلاف كثير ، لم أذكرها لطولها ، وفي أكثرها : ان النبي صلى الله عليه وآله وجد خفا فخرج وجلس إلى جنب أبي بكر ، فصلى أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وآله ، وصلى الناس بصلاة أبي بكر ( 2 ) . انتهى . وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله هو الذي عين أبا بكر فلم خرج وعزله ؟ ! وإذا كان أبو بكر صلى بصلاة النبي صلى الله عليه وآله فالناس ما حداهم إلى ترك الاقتداء به صلى الله عيه وآله ؟ ! وذكر ابن أبي الحديد في الشرح في الجزء التاسع عن شيخه أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل كلاما بهذه العبارة : ومن حديث الصلاة بالناس
1 - شرح نهج البلاغة 3 : 191 . 2 - صحيح البخاري 6 : 16 .