ومن ثم قيل فيه : هو باقر العلم وجامعه ، وشاهر علمه ورافعه ، صفا قلبه ، وزكا عمله ، وطهرت نفسه ، وشرف خلقه ، وعمرت أوقاته بطاعة الله ، وله من الرسوخ في مقدمات العارفين ما يكل عنه ألسنة الواصفين ، وله كلمات كثيرات في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة . وكفاه شرفا ان ابن المدائني روى عنه جابر أنه قال له وهو صغير : رسول الله صلى الله عليه وآله يسلم عليك ، فقيل له : وكيف ذلك ؟ قال : كنت جالسا عنده والحسين في حجره وهو يداعبه ، فقال : " يا جابر يولد له ولد اسمه محمد ، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام " . توفي في سنة سبع عشرة ( 1 ) عن ثمان وخمسين سنة مسموما كأبيه ، وهو علوي من جهة أبيه وأمه ، ودفن أيضا في قبة الحسن والعباس بالبقيع ( 2 ) . انتهى . قال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار : محمد بن علي الباقر : " إن الحق استصرخني وقد حواه الباطل في جوفه ، فبقرت عن خاصرته ، واطلعت الحق من حجبه ، حتى ظهر وانتشر بعد ما خفي واستتر " ( 3 ) . انتهى . قال في الصواعق المحرقة لابن حجر : أخبر المنصور بملك الأرض شرقها وغربها وبطول مدته ، فقال له : وملكنا قبل ملككم ؟ قال : " نعم " ، قال : ويملك أحد من ولدي ؟ قال : " نعم " ، قال : فمدة بني أمية أطول أم مدتنا ؟ قال : " مدتكم ، وليلعبن بهذا الملك صبيانكم كما يعلب بالكرة ، هذا ما عهد إلي أبي " . فلما أفضت الخلافة للمنصور تعجب من قول الباقر . قال ابن خلكان : وكان الباقر عالما سيدا كبيرا وإنما قيل له الباقر : لأنه
1 - هكذا في النسختين الخطيتين والمصدر ، والصحيح ان وفاته عليه السلام سنة أربع عشرة ومائة . 2 - الصواعق المحرقة : 201 . 3 - ربيع الأبرار 2 : 603 .