ثم قال : أقبل فارس يركض فقال كقول الأول ، فلم يكترث بقوله ، فجاءت الفرسان كلها تركض وتقول مثل ذلك ، فقام علي فجال في متن فرسه ، قال : فقال شاب من الناس : والله لأكونن قريبا منه ، فإن كانوا قد عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينه ، أيدعي علم الغيب . فلما انتهى عليه السلام إلى النهر وجد القوم كسروا جفون سيوفهم ، وعرقبوا خيلهم ، وجثوا على ركبهم ، وحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل ، فنزل ذلك الشاب فقال : يا أمير المؤمنين صلوات الله عليه اني كنت قد شككت فيك آنفا واني تائب إلى الله وإليك فاغفر لي ي ، فقال علي عليه السلام : " إن الله هو يغفر الذنوب فاستغفروه " ( 1 ) . انتهى . وذكر هذا المعنى ابن الأثير في تأريخه المعروف بالكامل ، ثم قال في آخر الفصل : روى جماعة ان عليا يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج : " إن قوما يخرجون ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم رجل مخدج اليد " ، سمعوا ذلك منه مرارا . فلما خرج أهل النهروان وسار إليهم علي وفرغ ، أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج ، قال بعضهم : ما نجده ، حتى قال بعضهم : ما هو فيهم ، وهو يقول : " والله ما كذبت ولا كذبت " ، ثم إنه جاءه رجل فبشره : إنا وجدناه . بل قيل : وخرج علي في طلبه ومعه سليم بن ثمامة الحنفي ، والريان بن صبرة ، فوجدوه على شاطئ النهر في خمسين قتيلا ، فلما استخرجه نظر إلى عضده فإذا كم مجتمع كثدي المرأة ، وحلمة عليها شعرات سود ، فإذا مدت امتدت حتى تحاذي يده الطولى ، ثم تترك فتعود إلى منكبيه ، فلما رآه قال : " والله ما كذبت ولا كذبت ، والله لولا أن تنكلوا فتدعوا العمل لأخبرتكم