وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس . ثم دعا بغمر ( 1 ) فشربوا ورووا ، وبقي الشراب كأنه لم يشرب . ثم قال : يا بني عبد المطلب اني بعثت إليكم خاصة ، وإلى الناس عامة ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ، ووارثي ، فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه ، وكنت من أصغر القوم ، فقال : اجلس . ثم قال ذلك ثلاث مرات ، كل ذلك أقوم إليه فيقول : اجلس ، حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي . فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي ( 2 ) . انتهى كلام ابن أبي الحديد . قال ابن الأثير في النهاية : وفيه أن أبا لهب قال : لهد ما سحركم صاحبكم ، لهد : كلمة يتعجب بها ( 3 ) . انتهى . قال ابن أبي الحديد في الجزء الثالث عشر أيضا نقلا عن شيخه أبي جعفر الإسكافي : وقد ورد في الخبر الصحيح انه كلفه في مبدأ الدعوة أن يصنع له طعاما ، وأن يدعوا له بني عبد المطلب ، فصنع له ودعاهم ، فخرجوا ذلك اليوم ولم ينذرهم صلى الله عليه وآله لكلمة قالها أبو لهب . فكلفه اليوم الثاني أن يصنع مثل ذلك الطعام ، وأن يدعوهم فيه ، فصنعه ودعاهم ، ثم كلمهم صلى الله عليه وآله فدعاهم إلى الدين ودعاه معهم ، لأنه من بني عبد المطلب ، ثم ضمن لمن يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيه بعد موته وخليفته من بعده ، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده ، وقال : " أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك وأبايعك " . فقال لهم - لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر ، وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة وعاين منهم الاباء ومنه الإجابة : " هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي " . فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد