الوجه الثالث : قد ظهر كذبه واتضح إفكه بورود الحديث مجردا عن الزيادة المنكرة من غير طريقه ، فأخرجه الحاكم في المستدرك ، والطبراني في الصغير ، كلاهما من طريق مبارك بن سحيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لن يزداد الزمان إلا شدة ولا يزداد الناس إلا شحا ولا تقوم الساعة إلا على أشرار الناس " هذا لفظ الحديث لم تذكر فيه تلك الزيادة الشاذة الباطلة ، فدل على أنها من صنع محمد بن خالد الجندي ، وتلك عادته فقد زاد أيضا زيادة باطلة في حديث صحيح متفق عليه ، وذلك مما يدل على القطع بكذبه ، فقد ذكر ابن عبد البر في ترجمة يزيد بن عبد الهاد من التمهيد أن محمد بن خالد الجندي هذا روى عن المثنى بن الصباح ، عن عمر بن شعيب ، عن أبينه ، عن جده ، مرفوعا " تعمل الرحال إلى أربعة مساجد مسجد الحرام ومسجدي ومسجد الأقصى ومسجد الجند " . ثم قال ابن عبد البر : محمد بن خالد متروك ، والحديث لا يثبت . انتهى " يعنى بهذه الزيادة التي زادها محمد بن خالد الجندي من أعمال الرحلة إلى مسجد بلده الجند . الوجه الرابع : مما يدل على كذبه أيضا وآفة الكذب النسيان : الاختلاف عليه في هذا الحديث ، واضطرابه فيه ، فتارة عن أبان بن صالح ، عن الحسن ، عن أنس كما تقدم . وتارة جعله عن أبان بن عياش ، عن الحسن مرسلا . قال البيهقي : قال أبو عبد الله الحاكم : محمد بن خالد الجندي مجهول ، واختلفوا عليه في إسناده ، فرواه صامت بن معاذ قال : حدثنا محمد بن خالد فذكره بالسند المتقدم ، قال صامت : عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء فدخلت إلى محدث لهم فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد عن أبان بن عياش عن الحسن مرسلا . قال البيهقي : فرجع الحديث إلى محمد بن خالد الجندي ، وهو مجهول عن أبان بن عياش وهو متروك ، عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وآله ، وهو منقطع ، قال : والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة . الوجه الخامس : على فرض وجود مرجح للرواية الأولى وهو كونه من رواية أبان بن صالح عن الحسن فهو منقطع أيضا ، لان أبان بن صالح لم يسمع من الحسن البصري ، كما قال ابن الصلاح في أماليه . الوجه السادس : فيه الانقطاع أيضا بين يونس بن عبد الأعلى والشافعي ، قال الذهبي في ترجمة الجندي من الميزان : حديثه لا مهدي إلا عيسى وهو حديث منكر أخرجه ابن ماجة ، ووقع لنا موافقة من حديث يونس بن عبد الأعلى ، وهو ثقة تفرد به عن الشافعي فقال في روايتنا عن هكذا بلفظ عن الشافعي . وقال في جزء عتيق بمرة عندي من حديث يونس بن عبد الأعلى قال : حدثت عن الشافعي فهو على هذا منقطع ، على أن جماعة رووه عن يونس قال حدثنا الشافعي ، والصحيح أنه لم يسمعه منه . انتهى . وقد طعن الناس في يونس بن عبد الأعلى مع كونه ثقة من رجال مسلم بسبب انفراده بهذا الحديث عن الشافعي فأورده الذهبي في الضعفاء