ومع بقائهم على تقليد اجتهادات السلف ولابد للمسلمين من أن تبدي كل طائفة منهم ما لديها من رؤى للاسلام وتأويل القرآن وحديث مروي واجتهادات للسلف نشأ منها الخلاف على شرط أن يتم ذلك بأسلوب الدعوة إلى الحق والبحث العلمي الرصين ودون الركون إلى السباب والشتائم والافتراء انتصارا لرأيها وطائفتها أعاذنا الله من ذلك ثم الاستماع بتجرد إلى ما لدى الطوائف الأخرى كذلك ، والحقيقة بنت البحث . والسبيل الصحيح للوصول إلى ذلك أن يتبادر علماء المسلمين إلى تلك الدراسات بتجرد علمي بحث ثم تعرض نتائج تلك الدراسات على الأندية العلمية الاسلامية الكبرى مثل الجامع الأزهر الشريف في القاهرة والجامعة الاسلامية في المدينة المنورة ورابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة والجوامع الاسلامية الكبرى في النجف الأشرف وقم وخراسان والقيروان والزيتونة لبحثها وتمحيصها ، ثم لتنشر بعد ذلك حكومات البلاد الاسلامية ما تتمخض عنه دراسات تلك الجامعات على المسلمين كافة ليتسنى لجميع المسلمين لمن أراد منهم ان يفهم رأي البعض الآخر تفهما واعيا لا لبس فيه ولا غموض ولا نبز وله بعد ذلك أن يتقبل رأى غيره بقبول حسن أو يعذر أخاه المسلم في ما اتخذ له من رأي وهكذا يتيسر للمسلمين ان يتفهم بعضهم البعض الآخر ويتقاربوا ويوحدوا جهودهم في ما يصلح لهم [1] . ومن الضروري في هذا السبيل أن يبدأ بالبحث عن مصادر الشريعة الاسلامية
[1] لقد شرحت ضرورة القيام بدراسات مقارنة لسنة الرسول بتجرد علمي بحت لعلماء المسلمين وكتابهم ومفكريهم بمصر والحجاز والشام ولبنان والهند وباكستان والعراق وغيرها سواء في الجامعات الاسلامية والأندية العلمية بها أو في اجتماعي مع العلماء على الفراد واستعنت الله وقمت منذ نيف وخمسين سنة بهذه الدراسات ولما كانت أم المؤمنين عائشة أكثر من تحدثت عن سيرة الرسول الأكرم ( ص ) بين أمهات المؤمنين وأهل البيت وجميع الصحابة وكان أكثر الباحثين مسلمين وغير مسلمين من المستشرقين وتلاميذهم يتعرفون على سيرة السول ( ص ) من خلال الأحاديث المروية عنها ولن تتيسر دراسة سيرة الرسول دون الدراسة العلمية لمجموعة الأحاديث المروية عنها بتجرد علمي بحث ، لهذا اضطررت إلى دراسة أحاديثها دراسة مقارنة وطبعت الجزء الأول منها ولما يطبع الجزء الثاني منها ورأيت خلال دراساتي من الاختلاف في اخبار السيرة واخبار العصر الاسلامي الأول ما أكرهني على نشر بعض دراساتي باسم ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) وقصدي من هذه التسمية ان انبه العلماء إلى ما في أخبار العصر الاسلامي الأول من عظيم الاختلاق وطبع منها فملأن ترجم فيها ثلاثة وتسعون صحابيا مختلقا ونيف وسبعون راويا للحديث مختلقون - أيضا - أسندت إليهم روايات في الفتوح والردة وغير ذلك مختلقة جميعها وكتبت مقدمة لهذه الدراسة مجلدي عبد الله بن سيأ وبقي نشر المجلد الثالث من ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) والثالث من عبد الله بن سبأ والى الله أشكو ما لاقيت من الارجاف في هذا السبيل .