نجي رسول الله في الغار وحده * وصاحبه الصديق في سالف الدهر الأبيات [1] . وأورد ابن عبد البر تمام القصيدة بترجمة النعمان بن عجلان من الاستيعاب غير أنه حذف منها البيتين الآتيين : فذاك بعون الله يدعو إلى الهدى * وينهى عن الفحشاء والبغي والنكر وصي النبي المصطفى وابن عمه * وقاتل فرسان الضلالة والكفر حذف هذين البيتين لما في ثنائه على ابن عم الرسول ( ص ) أنه وصي الرسول ( ص ) وأبقى البيتين الذين فيهما مدح أبي بكر ، وجاء بعده ابن الأثير وقال بترجمة النعمان من أسد الغابة : " ومن شعره يذكر أيام الأنصار ويذكر الخلافة بعد النبي ( ص ) " ثم ذكر من أول القصيدة أبياته في أيام الأنصار فحسب وحذف من القصيدة الأبيات التي يشير فيها إلى الخلاف الذي وقع يوم ذاك في أمر الخلافة و البيتين الذين مدح فيهما الامام عليا وخاصة أنه كان وصي النبي . وجاء ابن حجر بعده فقال في ترجمته : " وهو القائل يفخر بقومه من أبيات " ثم أورد أبياته في المفاخرة بأيام الأنصار ولم يذكر أن من أبيات هذه القصيدة ما فيه ذكر الخلافة . وهكذا كلما تأخر الزمن حذف العلماء من الروايات ما لم يرق لهم ذكره ، فابتعدنا عن فهم الواقع التاريخي . إذا نرى أن الزبير بن بكار ( ت 256 ه ) غفل وذكر في كتابه الموفقيات ما وقع من الاختلاف في أمر الخلافة بعد رسول الله ( ص ) وما تقاولوا فيه من خطب وشعر ومن ضمنها قصيدة النعمان بن عجلان التي فيها بيتان ذكر فيها فضائل الإمام علي وخاصة انه وصي النبي وانتبه لها ابن عبد البر ( ت 463 ه ) فحذف البيتين وجاء بعده ابن الأثير ( ت 630 ه ) وانتبه إلى ذكر ما وقع من الخلاف في الخلافة - أيضا - لا يصلح وحذف من القصيدة ما فيه ذكر الاختلاف في أمر الخلافة وقال : " ويذكر الخلافة " بالإضافة إلى حذفه ما فيه وصف الإمام علي . وجاء بعدهما ابن حجر ( ت 852 ه ) فحذفها كذلك ولم يقل أن في القصيدة ذكر للخلافة ، وهكذا كلما تأخر الزمن زاد العلماء من حذف الحقائق ما لا يصلح ذكره لمدرسة الخلفاء . إذا راجعنا ما سبق ايراده في بحث الوصية وما يأتي في بحث أصناف الكتمان ،
[1] راجع مصادر ترجمته وشعره في الهامش رقم 21 في باب : شهرة لقب وصي النبي ( ص ) للإمام علي و انتشار ذكره في أشعار الصحابة والتابعين من هذا الكتاب .